باب ذهاب الصالحين، ويقال: الذهاب: المطر

بطاقات دعوية

باب ذهاب الصالحين، ويقال: الذهاب: المطر

 عن مرداس الأسلمى -[وكان من أصحاب الشجرة 5/ 63]- قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:
"يذهب الصالحون الأول فالأول، ويبقى حفالة كحفالة (4) الشعير أو التمر، لا يباليهم الله بالة (5) (وفي رواية: لا يعبأ الله بهم شيئا) ".
قال أبو عبد الله: يقال: حفالة وحثالة.

خَيرُ أجْيالِ هذه الأمَّةِ أصْحابُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثمَّ أتْباعُ الصَّحابةِ، ثمَّ أتْباعُ التَّابِعينَ، وهكذا كُلَّما اقتَرَبْنا مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، كانتِ الأجْيالُ أقرَبَ للخَيرِ، إلى أنْ تَقومَ السَّاعةُ على شِرارِ الخَلقِ، أو على قَومٍ لا يَعبُدونَ اللهَ عزَّ وجلَّ ألبَتَّةَ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ الصَّحابيُّ مِرْداسٌ الأسْلَميُّ رَضيَ اللهُ عنه، وكان مِن أصْحابِ الشَّجَرةِ، الَّذين قال اللهُ تعالَى فيهم: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18]، وهمُ الَّذين بايَعوا رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَيْعةَ الرِّضْوانِ في الحُدَيْبيةِ في العامِ السَّادِسِ منَ الهِجْرةِ، لمَّا منَعَتْ قُرَيشٌ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأصْحابَه مِن دُخولِ مكَّةَ، وأُشيعَ أنَّهم قَتَلوا عُثْمانَ بنَ عفَّانَ رَضيَ اللهُ عنه لمَّا أرْسَلَه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ ليَتَفاوَضَ معَهم، وكان هؤلاء الصَّحابةُ المُبايِعونَ تحتَ الشَّجَرةِ هم خيارُ مَن في الأرضِ يومَها، يُخبِرُ مِرْداسٌ رَضيَ اللهُ عنه، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذكَر أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يَقبِضُ الصَّالِحينَ ويَذهَبُ بهم مِن على وَجهِ الأرْضِ أوَّلًا فأوَّلًا، ثمَّ تَبْقى حُفالةٌ -أي: رُذالةٌ منَ النَّاسِ- كَحُفالةِ التَّمرِ والشَّعيرِ، وهو الرَّدِيءُ، لا يُبالي اللهُ بهم شَيئًا، ولا يَكتَرِثُ بهم، ولا يَرفَعُ لهم قَدرًا، ولا يُقيمُ لهم وَزنًا.
وفي الحَديثِ: أنَّ مَوتَ الصَّالِحينَ مِن أشْراطِ السَّاعةِ.
وفيه: النَّدبُ إلى الاقْتِداءِ بأهلِ الخَيرِ، والتَّحْذيرُ مِن مُخالَفَتِهم خَشْيةَ أنْ يَصيرَ مَن خالَفَهم ممَّن لا يَعْبأُ اللهُ به.