باب رجم اليهودي واليهودية3
سنن ابن ماجه
حدثنا علي بن محمد، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة
عن البراء بن عازب، قال: مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بيهودي محمم مجلود، فدعاهم، فقال: "هكذا تجدون في كتابكم حد الزاني؟ " قالوا: نعم، فدعا رجلا من علمائهم، فقال: "أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى، أهكذا تجدون حد الزاني؟ " قال: لا، ولولا أنك نشدتني لم أخبرك، نجد حد الزاني في كتابنا الرجم، ولكنه كثر في أشرافنا (1)، فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه، وكنا إذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد، فقلنا: تعالوا فلنجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع، فاجتمعنا على التحميم والجلد مكان الرجم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه". وأمر به فرجم
حرَّفَ أهلُ الكتابِ مِنَ اليهودِ والنَّصارى كُتبَهمُ المُنْزَلةَ عليهم،فحَذَفوا وغيَّروا وأدْخَلوا فيها ما ليس منْها، وما بَقِيَ منه لم يَعمَلُوا به، وأخفَوْه وكتَمُوه وهمْ يَعلَمونَ.
وفي هذا الحديثِ صُورةٌ مِن صُوَرِ جُحودِ اليهودِ وكِتمانِهم ما أنْزَلَ اللهُ تعالى عليهم مِنَ التَّوراةِ؛ فيُخبرُ عَبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ جماعةً من اليهودِ -وكانوا من يهودِ خَيبرَ- جاؤوا إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بِرجُلٍ وامرأةٍ منْهم قدْ زَنَيَا، فسألهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: كيف تَفعَلونَ بِمَنْ زَنى منكم؟ فقالوا: نُحَمِّمُهما ونَضْرِبُهما، أي: نُسوِّدُ وُجوهَهما بالحُممِ -وهو الفَحْمُ- ونَضرِبُهما.
فسألهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن الرَّجمِ -ويكونُ للزَّاني المحصَنِ، وهو الذي سبق له الزَّواجُ- أليس مَكتوبًا عندكم في التَّوراةِ أنَّ مَن زَنى بعد إحصانٍ يُرجَمُ؟ فقالوا: لا نَجدُ فيها شَيئًا. وإنما سألهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ليُلزِمَهم بما يعتَقِدونَه في كتابِهم الموافِقِ لحُكمِ الإسلامِ إقامةً للحُجَّةِ عليهم، لا لتقليدِهم ومَعرفةِ الحُكمِ منهم.
وكان عبدُ اللهِ بنُ سَلَامٍ رضِي اللهُ عنه مِن عُلمائِهم قبْلَ إسلامِه، فرَدَّ عليهم، وقال لهمْ: كذبْتُم، فَأْتوا بِالتَّوراةِ فَاتْلُوها إنْ كُنتُم صادقِينَ؛ فإنَّ ذلك موجودٌ فيها لم يُغَيَّرْ.
فأَتَوا بالتوراةِ ونشَروها، فوضَعَ الَّذي يَدْرُسُ التَّوراةَ عندَهم -وهو عبدُ اللهِ بنُ صوريا، وكان أعلَمَ من بَقِيَ مِن الأحبارِ بالتوراةِ- كَفَّه على ما يَخُصُّ الرَّجْمَ فيها، وبدَأَ هذا الرَّجلُ يَقرَأُ ما قبْلَ آيةِ الرَّجْمِ وما بعْدَها ولا يَقرؤُها، فَأزاحَ عبدُ اللهِ بنُ سَلَامٍ رضِي اللهُ عنه يَدَه عَن آيةِ الرَّجمِ وقال له: ما هذه؟! فلمَّا رأى اليهودُ ذلك قالوا: هي آيةُ الرَّجْمِ، فَأمَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بِالرَّجلِ والمرأةِ، فَرُجِما بالقُرْبِ مِن مَوضعِ الجنائزِ عندَ المسجدِ النَّبويِّ.
فلمَّا بدَأَ النَّاسُ بالرَّجْمِ رأى عبدُ اللهِ بنُ عُمرَ رضِي اللهُ عنهما الرَّجلَ الذي زنى بالمرأةِ يَحْنِي عَلَيْهَا، أي: يَميلُ ويَكُبُّ على المرأةِ؛ لِيحمِيَها مِنَ الحجارةِ.
وفي الحديث: إقامةُ الحُدودِ على غيرِ المُسلِمين المقيمين في بلادِنا.
وفيه: أنَّ غيرَ المُسلِمين إذا تحاكَموا إلى المس لِمين حكم القاضي بينهم بحُكْمِ شَرْعِنا.