باب رقية الحية والعقرب2
سنن ابن ماجه
حدثنا إسماعيل بن بهرام، حدثنا عبيد الله الأشجعي عن سفيان، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه
عن أبي هريرة، قال: لدغت عقرب رجلا فلم ينم ليلته، فقيل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إن فلانا لدغته عقرب فلم ينم ليلته، فقال: "أما إنه لو قال حين أمسى: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، ما ضره لدغ عقرب حتى يصبح" (1)
علَّمَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ التَّعلُّقَ باللهِ وطلَبَ الحِمايةِ مِنه صباحًا ومساءً في كلِّ ما يُصيبُ الإنْسانَ مِن مَرضٍ وغَيرِه، والتَّوكُّلَ على اللهِ عزَّ وجلَّ، والاعتقادَ بأنَّه الشَّافي.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي أبو هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رجُلًا مِن أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جاءَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأخبَرَه أنَّه لَدَغَتْه عَقربٌ اللَّيلةَ الماضِيةَ، وقدْ وَجَد في جِسمِه مِن أثَرِ سُمِّ تلك العقربِ ألَمًا ووَجعًا شَديدًا، فقال لَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «أمَا لو قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ» أي: كان مِن عادتِكَ هذا الذِّكرُ والدُّعاءُ كلَّ لَيلةٍ، «أَعوذُ بِكلماتِ اللهِ التَّامَّاتِ» ومَعْناه: أعتَصِمُ وأحْتَمي بكَلِماتِ اللهِ الكامِلةِ -الَّتي لا يَدخُلُها نَقصٌ ولا عَيبٌ كما يَدخُلُ كَلامَ البَشَرِ-، فهي النَّافعاتُ الشَّافياتُ بإذنِ اللهِ. وكلماتُ اللهِ قيلَ: هي أسماؤُه وصِفاتُه. وقيلَ: هي القُرآنُ. وقيلَ: هي جَميعُ ما أنزَلَه على أنبيائِه. والاستعاذةُ باللهِ تكونُ «مِن شَرِّ ما خَلَقَ»، فيَحمِيه اللهُ عزَّ وجلَّ ويَرفَعُ عنه أذَى المخلوقاتِ، «لم تَضُرُّك» أي: كان هذا الدُّعاءُ سَببًا في حِفظِ اللهِ لكَ مِن لَدْغةِ العقربِ، أو حِفْظِه لكَ مِن أثَرِ سُمِّها وألَمِه في الجسدِ، وهذا يَشمَلُ جميعَ المخلوقاتِ وما يَنتُجُ عنها مِن أذًى لِغَيرِها مِن بني الإنسانِ.
وفي الحديثِ: أهمِّيَّةُ أذكارِ الصَّباحِ والمساءِ في حِفظِ العبدِ المؤمنِ.
وفيه: بَيانُ حِرصِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على تَعليمِ أُمَّتِه الأذكارَ المنجِيةَ مِن كلِّ سُوءٍ.