باب سلت الدم عن البدن
سنن النسائي
أخبرنا عمرو بن علي، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا شعبة، عن قتادة، عن أبي حسان الأعرج، عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم «لما كان بذي الحليفة، أمر ببدنته فأشعر في سنامها من الشق الأيمن، ثم سلت عنها، وقلدها نعلين فلما استوت به على البيداء أهل»
حَجُّ بَيتِ اللهِ الحرامِ لِمَن استَطاعَ إليه سبيلًا مِن أركانِ الإسلامِ العِظامِ، وقد حجَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم حَجَّةَ الوَداعِ؛ فبَيَّنَ للنَّاسِ مَناسِكَهم، ونقَل الصَّحابةُ رَضِي اللهُ عَنهم جميعَ هذه المناسِكِ
وفي هذا الحديثِ بيانُ بَعضِ مَناسِكِ الحَجِّ، حيثُ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنهما: "أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لَمَّا كان بذِي الحُلَيفةِ"، وذلك عِندَما خرَج لحَجَّةِ الوداعِ، وكان قد خرَج مِن المدينةِ في السَّنةِ العاشِرةِ مِن الهِجرةِ نَهارًا لِخَمسٍ بَقِينَ مِن ذي القَعْدةِ، بعدَ أنْ صلَّى الظُّهرَ أربَعًا بالمدينةِ، وخرَج بينَ الظُّهرِ والعصرِ، فنزَل بذي الحُلَيفةِ، وهو: موضِعٌ قُرْبَ المدينةِ مِن جِهَةِ مكَّةَ، ويُسمَّى الآنَ آبارَ عَلِيٍّ، وهو مِيقاتُ أهلِ المدينةِ، "أمَر ببَدَنتِه"، أي: هَدْيِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، والبَدنةُ واحِدةُ الإبلِ ذكَرًا كانتْ أم أنْثى، "فأشعَرَ في سَنامِها مِن الشِّقِّ الأيمَنِ"، أي: في سَنامِ الإبِلِ في أسفَلِه مِن ناحيةِ اليمينِ، والسَّنَامُ: أعلى ظَهْرِ البَعيرِ، والإشعارُ هو: شَقُّ وكَشْطُ جِلْدِ البَدنةِ حتَّى يَسيلَ الدَّمُ؛ فيَكونَ ذلك عَلامةً على كونِها هَدْيًا، "ثمَّ سَلَتَ عنها"، أي: أزالَ ومسَح الدَّمَ عن الهَدْيِ مع بَقاءِ أثَرِه عليها، "وقَلَّدَها نَعْلَين"، أي: علَّقَهما بعُنقِها
قال: "فلمَّا استَوَتْ به"، أي: فلمَّا اعتَدَلَت به راحِلتُه الَّتي يَركَبُها، وهي ناقةٌ غيرُ الَّتي أهْداها، "على البَيْداءِ أهَلَّ"، أي: رفَعَ صوتَه بالتَّلبيَةِ، والبَيْداءُ: مَكانٌ بالقُرْبِ مِن ذي الحُلَيفةِ مِن جِهَةِ مكَّةَ، وسُمِّيَتْ بَيْداءَ لِعَدمِ وُجودِ مَعالِمَ فيها مِن أبنيَةٍ ونَحوِها
وفي الحديثِ: مشروعيَّةُ تقليدِ الهَدْيِ وإشعارِه، وتقليدِه بنَعلينِ