باب صداق النساء 2

سنن ابن ماجه

باب صداق النساء 2

 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا يزيد بن هارون، عن ابن عون (ح)
وحدثنا نصر بن علي الجهضمي، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا ابن عون، عن محمد بن سيرين، عن أبي العجفاء السلمي، قال:
قال عمر بن الخطاب: لا تغالوا صداق النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا، أو تقوى عند الله، كان أولاكم وأحقكم بهامحمد - صلى الله عليه وسلم -، ما أصدق امرأة من نسائه، ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية، وإن الرجل ليثقل صدقة امرأته حتى يكون لها عداوة في نفسه. ويقول: قد كلفت إليك علق القربة، أو عرق القربة.
وكنت رجلا عربيا مولدا، ما أدري ما علق القربة، أو عرق القربة (1).

الزَّواجُ سُنَّةُ الأنبياءِ والمرسَلينَ، وقد حثَّ الشَّرعُ عليه؛ لِما فيه مِن إعفافٍ للفُروجِ وإقامةٍ للبُيوتِ، وفرَضَ الشَّرعُ على الرَّجلِ مهرًا للمرأةِ، لكنْ جعَل هذه العلاقةَ مبنيَّةً على الوُدِّ والمحبَّةِ والتَّراحُمِ، وليس على الجشَعِ والإسرافِ، وإرهاقِ أطرافِ الزَّواجِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ أبو العَجْفاءِ السُّلميُّ: "خطَبَنا عُمرُ رَحِمه اللهُ"، أي: في عَهدِ خِلافَتِه على المسلِمين، فقال عمرُ رَضِي اللهُ عنه في خُطبَتِه: "ألَا لا تُغالوا بصُدُقِ النِّساءِ"، أي: لا تُبالِغوا في مُهورِ النِّساءِ عِندَ مَن يَطلُبُهنَّ للزَّواجِ؛ "فإنَّها لو كانَت مَكرُمةً في الدُّنيا أو تَقْوى عِندَ اللهِ لكان أَوْلاكُم بها النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم"، أي: لو كانَتِ المبالَغةُ في قيمةِ المهرِ تَكريمًا للمرأةِ في الدُّنيا أو زيادةً في تَقْوى اللهِ في النِّساءِ لفَعَل ذلك النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم، قال عمرُ رَضِي اللهُ عنه: "ما أصْدَقَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم امرأةً مِن نِسائِه"، أي: ما كان مِن مَهرٍ منه صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم إلى زوجاتِه، "ولا أُصدِقَتِ امرأةٌ مِن بَناتِه"، أي: وما دُفِع في مهرٍ في بَناتِه، "أكثَرَ مِن ثِنْتَي عَشْرةَ أُوقيَّةً"، وهي: أربعُ مئةٍ وثَمانونَ دِرهَمًا.
قيل: إنَّ نَهْيَ عُمرَ إنَّما هو للحثِّ والتَّرغيبِ في تَقْليلِ المهورِ؛ لأنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ ذكَر في قولِه تعالى: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء: 20]، أي: ليس هناك حَدٌّ لِمَهرِ المرأةِ ولكنَّ هذا مِن بابِ الموعِظَةِ مِن عُمرَ رَضِي اللهُ عنه.
وفي الحديثِ: أنَّ للحاكِمِ والإمامِ أن يُنظِّمَ أمورَ الرَّعيَّةِ في إطارِ الفَهْمِ الصَّحيحِ للشَّرعِ.