باب صفة أمة محمدﷺ4
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا محمد بن مصعب، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن هلال بن أبي ميمونة، عن عطاء بن يسار
عن رفاعة الجهني، قال: صدرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "والذي نفس محمد بيده، ما من عبد يؤمن ثم يسدد إلا سلك به في الجنة، وأرجو ألا يدخلوها حتى تبوءوا أنتم ومن صلح من ذراريكم مساكن في الجنة، ولقد وعدني ربي عز وجل أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا بغير حساب" (1)
فَضلُ اللهِ تعالى على أُمَّةِ الإسلامِ عظيمٌ، ومِن ذلك ما تَفضَّل عليها من كَثرةِ مَن يُدخِلُه الجنةَ مِن هذه الأُمَّةِ المَرحومةِ، ومِن كونِها أوَّلَ مَن يَدخُلُ الجَنَّةَ مِن الأُمم.
في هذا الحديثِ يقولُ رِفاعةُ الجُهَنِيُّ رضِيَ اللهُ عنه: "صَدَرْنا"، أي: رجَعْنا مِن غَزوٍ أو سَفرٍ، "مع رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال: والَّذي نفْسُ مُحمَّدٍ بيَدِه"، أي: قاسِمًا باللهِ عَزَّ وجَلَّ؛ وذلك لأنَّ اللهَ هو الَّذي يملِكُ الأنفُسَ، وكثيرًا ما كان يُقْسِمُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بهذا القسَمِ، "ما مِن عبدٍ يُؤْمِنُ، ثمَّ يُسدِّدُ"، أي: يستقيمُ على أعمالِ الإيمانِ، "إلَّا سُلِكَ به في الجنَّةِ"، أي: أُدْخِلَ الجنَّةَ.
ثُمَّ قال صلَّى الله عليه وسلَّم: "وأرْجو ألَّا يَدْخلوها"، أي: لا يَدْخل مُؤْمنو سائرِ الأُمَمِ الجنَّةَ، "حتَّى تَبَوَّؤوا أنتم ومَن صلَحَ مِن ذَراريِّكم مساكِنَ في الجنَّةِ"، أي: حتَّى تأخذوا أنتم وذُرِّيتُكم مَقاعِدَكم ومساكِنَكم بها، "ولقد وَعَدني ربِّي عَزَّ وجَلَّ أنْ يُدْخِلَ الجنَّةَ مِن أُمَّتي سبعينَ ألفًا بغيرِ حِسابٍ"، وفي الصَّحيحينِ من حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما: أنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "يدخُلُ الجنَّةَ مِن أُمَّتي سبعونَ ألفًا بغيرِ حِسابٍ؛ هم الَّذين لا يَستَرْقُونَ، ولا يتطيَّرونَ، وعلى ربِّهم يتوكَّلونَ".
وفي الحديثِ: بيانُ عظيمِ فَضلِ اللهِ على أُمَّةِ النَّبيِّ مُحمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.