باب صفة الجنة والنار 9
بطاقات دعوية
عن النعمان بن بشير قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول:
"إن أهون أهل النار عذابا يوم القيامة [لـ] رجل [توضع] على أخمص قدميه جمرتان، يغلى منهما دماغه، كما يغلى المرجل والقمقم".
قلت: ما الثعارير؟ قال: الضغابيس.
عَذابُ النَّارِ هو عقابُ اللهِ للمُذنِبينَ وأهلِ المعاصي والكُفَّارِ، وتختَلِفُ دَرَكاتُ الدَّاخِلينَ في جَهنَّمَ بحسَبِ سُوءِ أعمالِهم.
وفي هذا الحَديثِ أشارَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى شِدَّةِ عَذابِ النَّارِ بذِكْرِ أقلِّ أهْلِها وأهْونِهم عَذابًا، والعِياذُ باللهِ! وهو رجُلٌ تُوضَعُ جَمْرَتَانِ -وهما قِطعتانِ مُلتَهِبتانِ مِنَ النَّارِ- في أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ -وهو الفراغُ الذي لم يُصِبِ الأرضَ مِن باطِن الأقدامِ- فيَغْلِي مِن حَرِّهما دِماغُه، نَسأَلُ اللهَ السَّلامةَ والعافيةَ، وقِيلَ: إنَّ المرادَ بهذا العذابِ هو عَمُّ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أبو طَالِبٍ؛ لقوْلِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وقدْ ذُكِر عندَه عَمُّه أبو طالِبٍ، فقال -كما في الصَّحيحينِ-: «لعَلَّه تَنفَعُه شَفاعتي يوْمَ القِيامةِ، فيُجعَلُ في ضَحْضَاحٍ مِن نارٍ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ، يَغلِي منه أُمُّ دِماغِه»، والحديثُ يَحتمِلُه وغيْرَه مِمَّن حالُه كحالِه. ويُفهَمُ من هذا أنَّ المرادَ مِن أهلِ النَّارِ مُلازِموها، وهم الكُفَّارُ، ولا يَشمَلُ مُرتَكِبي الكبائِرِ مِنَ المُؤمِنين؛ يدُلُّ لذلك ما رواه البُخاريُّ ومُسلمٌ: «أنَّ اللهَ يقولُ لأهوَنِ أهلِ النَّارِ أردتُ منك أهوَنَ مِن هذا؛ ألَّا تُشرِكَ بي شيئًا، فأَبيتَ إلَّا أن تُشرِكَ بي».
وفي الحَديثِ: شِدَّةُ عَذابِ النَّارِ، سَلَّمنا اللهُ تعالَى منها.
وفيه: أنَّ المُعَذَّبينَ به من الكُفَّارِ ليْسوا في دَرَجةٍ واحِدةٍ.
وفيه: تحذيرٌ للعُصاةِ والكافِرينَ مِن هَولِ هذا العذابِ؛ لِيَبتَعِدوا عمَّا يؤدِّي إليه.