باب من اختار الغزو على الصوم
بطاقات دعوية
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان أبو طلحة لا يصوم على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -من أجل الغزو، فلما قبض النبي - صلى الله عليه وسلم - لم أره مفطرا إلا يوم فطر
أو أضحى (16).
الجِهادُ في سَبيلِ اللهِ أعظَمُ الأعمالِ وأجَلُّ القُرُباتِ، وقدْ أمَرَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ بالإعدادِ له، ومِن ذلك تَربيةُ النَّفْسِ وتَقويَتُها وتَهيئَتُها على تَحمُّلِ مَشَقَّاتِه وأعبائِه.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ أنَسُ بنُ مالِكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ الصَّحابيَّ أبا طَلحةَ زَيدَ بنَ سَهلٍ الأنصاريَّ رَضيَ اللهُ عنه كانَ لا يَصومُ صِيامَ تَطوُّعٍ في زَمانِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ لِيَقوَى على الجِهادِ، فلَمَّا ماتَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقَوِيَ الإسلامُ، واشتَدَّتْ وَطْأةُ أهلِه على عَدُوِّهم؛ بَدَأ يأخُذُ حَظَّه مِنَ الصَّومِ؛ لِيَجمَعَ بيْن الحُسنَيَيْنِ، ويَأتيَ بالعِبادَتَيْنِ، فحَرَصَ على الإكثارِ مِنَ الصِّيامِ، فكان رَضيَ اللهُ عنه لا يُفطِرُ إلَّا في عيدِ الفِطرِ، وهو الأوَّلُ مِن شَوَّالٍ، وعيدِ الأضْحَى، وهو العاشِرُ مِن ذي الحِجَّةِ؛ وذلك لِلنَّهيِ الوارِدِ عن صَوْمِهما.
وأمَّا ما وَرَد في الصَّحيحَينِ مِن نَهْيِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن صِيامِ الدَّهرِ، فقيلَ فيه: إنَّ عِلَّةَ النَّهيِ أنَّ سَرْدَ الصَّومِ طَوالَ العامِ يَجعَلُ المَرءَ ضَعيفًا، فَيَعجِزُ عنِ الجِهادِ وقَضاءِ الحُقوقِ، فمَن لم يَضعُفْ، ولم يُقصِّرْ في الحُقوقِ الواجِبةِ عليه؛ فلا بَأْسَ في صِيامِه.
وفي الحَديثِ: فَضيلةُ أبي طَلحةَ، وعَظيمُ فِقهِه لِأُمورِ الشَّريعةِ، وتَفاضُلِ الأعمالِ.