باب في الهدي الصالح
بطاقات دعوية
عن حذيفة قال: إن أشبه دلا (20) وسمتا وهديا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - لابن أم عبد، من حين يخرج من بيته إلى أن يرجع إليه، لا ندري ما يصنع في أهله إذا خلا.
كان السَّلفُ الكِرامُ رَحِمهمُ اللهُ حَريصينَ كلَّ الحِرصِ على الاقْتِداءِ برَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَولًا وفِعلًا وسَمتًا؛ امتِثالًا لقَولِ اللهِ تعالَى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} [الأحزاب: 21].
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ التَّابِعيُّ عبدُ الرَّحمنِ بنُ يَزيدَ أنَّهم سَأَلوا حُذَيْفةَ بنَ اليَمانِ رَضيَ اللهُ عنه عن رَجلٍ قَريبِ «السَّمتِ»، أي: في الهَيْئةِ الحَسَنةِ، «والهَدْيِ»، أيِ: الطَّريقةِ والمَذهَبِ، مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ ليُؤخَذَ ذلك عنه، وقيلَ: السَّمتُ والدَّلُّ والهَديُ عِبارةٌ عمَّا عليه الإنْسانُ مِن الوَقارِ، وقيلَ: السَّمتُ عِبارةٌ عمَّا خُلِقَ عليه الإنْسانُ مِن تَناسُبِ الأعْضاءِ، والدَّلُّ: حُسنُ الشَّمائلِ والمَنظَرِ، والهَديُ: ما يَتعلَّقُ بالدِّيانةِ.
فأجابَهم حُذَيْفةُ رَضيَ اللهُ عنه ودَلَّهم على مَن يَراهُ أجمَعَ لتلك الصِّفاتِ، فقال: «ما أعرِفُ أحَدًا أقرَبَ سَمتًا وهَديًا ودَلًّا»، أي: شَكلًا وشَمائلَ، مِن عَبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه، وأمُّ عبدٍ أمُّه، وهي بِنتُ عَبدِ وُدٍّ.
وفي الحَديثِ: مَنقَبةٌ لعبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه.
وفيه: اعْتِرافُ الصَّحابةِ رِضْوانُ اللهِ عليهم بَعضِهم لبَعضٍ بالفَضلِ تارِكينَ حُظوظَ أنْفُسِهم وشَهَواتِهم.