باب فى القرآن
حدثنا أحمد بن أبى سريج الرازى وعلى بن الحسين بن إبراهيم وعلى بن مسلم قالوا حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن مسلم عن مسروق عن عبد الله قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : « إذا تكلم الله بالوحى سمع أهل السماء للسماء صلصلة كجر السلسلة على الصفا فيصعقون فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم جبريل حتى إذا جاءهم جبريل فزع عن قلوبهم ». قال : « فيقولون : يا جبريل ماذا قال ربك فيقول : الحق فيقولون : الحق الحق ».
اتصف الحق سبحانه وتعالى بصفات الكمال والجلال، ومن ذلك صفة الكلام، وكل صفاته نمررها كما جاءت، ونؤمن بها على الوجه التي تليق به سبحانه بلا تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل، وفي هذا الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا تكلم الله بالوحي"، أي: إذا قضى أمرا يوحي به إلى الملائكة المكلفين به، والمراد ما يقضيه الله سبحانه وتعالى من الحوادث اليومية، بأن يغفر ذنبا، ويفرج كربا، ويرفع قوما، ويضع آخرين، ويعز ذليلا، ويذل جبارا، وهكذا "سمع أهل السماء الدنيا"، أي: السماء الأولى، وتسمى بالسماء الدنيا، "صلصلة"، وهي صوت وقوع الحديد بعضه على بعض،"كجر السلسلة"، أي: صوت وقع وسحب سلسلة الحديد "على الصفا" أي: يكون الصوت المسموع يشبه صوت وقع السلسلة على صفوان، وهو الحجر الأملس، وفي هذا إثبات لصفة تكلم الرب تعالى بصوت، وهي تمر كما جاءت؛ بلا تكييف ولا تمثيل بصوت المخلوق؛ فإن الله عز وجل ليس كمثله شيء، "فيصعقون"، أي: يخافون خوفا شديدا، ويغشى عليهم، وهو خوف من شدة الفزع للصوت، وهذا من التعظيم والإجلال والهيبة كما يستعظم الصواعق والكائن عنها، "فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم جبريل، حتى إذا جاءهم جبريل، فزع عن قلوبهم"، أي:كشف عنهم، وأزيل الخوف عن قلوبهم، فتقول الملائكة لجبريل عليه السلام: "يا جبريل، ماذا قال ربك؟ فيقول: الحق"، أي: قال الله القول الحق "فيقولون: الحق الحق"، أي: ما قاله الله هو الحق، وهذا تصديق لقول جبريل عليه السلام