باب فى بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها

باب فى بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها

حدثنا عبد الله بن محمد النفيلى حدثنا ابن علية عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع النخل حتى يزهو وعن السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة نهى البائع والمشترى.

المفردات:

«حتى يبدو»؛ أي حتى يظهر 

«صلاحها»؛ أي حمرتها أو صفرتها في ثمر النخل، والسواد أو البياض في العنب، والاشتداد أو البياض في الحب والسنبل

«والمبتاع»؛ أي والمشتري

«وفي رواية»؛ أي لمسلم عن عبد الله بن دينار رحمه الله

«وكان»؛ أي ابن عمر رضي الله عنهما

«عن صلاحها»؛ أي صلاح الثمار

«عاهتها»؛ أي آفتها، والمراد أمراض الثمرة من الدُّمان والقشام وسائر عيوب الثمرة، والدمان فسره أبو عبيد بأنه فساد الطلع وتعفُّنه وسواده، والقشام هو مرض يصيب الثمرة حتى لا ترطب، وقال الأصمعي: هو أن ينتقص ثمر النخل قبل أن يصير بلحًا، وقيل: هو أكال يقع في الثمر، هذا وثمر النخل ما دام أخضر يسمى بلحًا، فإذا تلون إلى الحمرة أو الصفرة يسمى بسرًا، وإذا خلص لونه فهو زهو، ثم إذا أدرك ونضج يسمى رطبًا، فإذا جف ويبس فهو تمر، والحصرم من العنب كالبلح؛ والزبيب كالتمر

البحث:

حرص الإسلام على حفظ أموال الناس وصيانتها وعدم أكلها بالباطل، وبيع الثمرة قبل بدو صلاحها من هذا القبيل، فإنه يحفظ البائع من أكل مال أخيه بالباطل، ويحفظ المشتري فلا يضيع ماله، ولا يسعد البائع على أكل المال بالباطل، وقد أخرج البخاري رحمه الله حديث النهى عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها من عدة طرق بعدة ألفاظ، ففي لفظ من طريق سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تبيعوا الثمر حتى يبدو صلاحها، وفي لفظ للبخاري ومسلم عن جابر رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمر حتى يطيب، وفي لفظ معلق عن الليث عن أبي الزناد من طريق سهل بن أبي حثمة عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: كان الناس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبايعون الثمار، فإذا جد الناس وحضر تقاضيهم، قال المبتاع: إنه أصاب الثمر الدمان، أصابه مراض، أصابه قشام، عاهات يحتجون بها، فقال رسول الله عليه وسلم لما كثرت عنده الخصومة في ذلك: «فإما لا فلا يتبايعوا حتى يبدو صلاح الثمر، كالمشورة يشير بها لكثرة خصومتهم، وأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت أن زيد بن ثابت لم يكن يبيع ثمار أرضه حتى تطلع الثريا، فيتبين الأصفر من الأحمر، قال أبو عبد الله: رواه علي بن بحر، حدثنا حكام حدثنا عنبسة عن زكريا عن أبي الزناد عن عروة عن سهل عن زيد؛ اهـ، وفي لفظ عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تباع ثمرة النخل حت تزهو، قال أبو عبد الله يعني حتى تحمر، وفي لفظ عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها، وعن النخل حتى يزهو قيل: وما يزهو؟ قال: يحمار أو يصفار، وفي لفظ عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى تزهى، فقيل له: وما تزهى؟ قال: حتى تحمر، فقال: أرأريت إذا منع الله الثمرة بم يأخذ أحدكم مال أخيه؟ قال الليث حدثني يونس عن ابن شهاب قال: لو أن رجلًا ابتاع ثمرًا قبل أن يبدو صلاحها، ثم أصابته عاهة كان ما أصابه على ربه، وفي لفظ للبخاري ومسلم من حديث جابر رضي الله عنه قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تباع الثمرة حتى تشقح، فقيل: ما تشقح؟ قال: تحمار وتصفار ويؤكل منها، وفي لفظ للبخاري ومسلم من حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع ثمر التمر حتى تزهو، فقلنا لأنس: ما زهوها؟ قال: تحمر وتصفر، أرأيت إن منع الله الثمرة بِمَ تستحل مال أخيك، قال الحافظ في الفتح: قال الداودي الشارح: قول زيد بن ثابت كالمشورة يشير بها عليهم تأويل من بعض نقلة الحديث، وعلى تقدير أن يكون من قول زيد بن ثابت، فلعل ذلك كان في أول الأمر، ثم ورد الجزم بالنهي كما بينه حديث ابن عمر وغيره، قلت: وكأن البخاري استشعر ذلك فرتب أحاديث الباب بحسب ذلك، فأفاد حديث زيد بن ثابت سبب النهي وحديث ابن عمر التصريح بالنهي، وحديث أنس وجابر بيان الغاية التي ينتهي إليها النهي؛ اهـ، وقد أخرج مسلم عن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع النخل حتى يزهو وعن السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة نهى البائع والمشترى، وفي لفظ عنه رضي الله عنه: لا تبتاعوا الثمر حتى يبدو صلاحه وتذهب عنه الآفة، قال: يبدو صلاحه حمرته وصفرته، وفي لفظ: فقيل لابن عمر: ما صلاحه؟ قال: تذهب عاهته، هذا وقوله في حديث زيد بن ثابت: وأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت، قال الحافظ في الفتح: القائل هو أبو الزناد.

 

ما يفيده الحديث:

1- النهى عن بيع الثمار قبل بُدوِّ صلاحها.

2- أن هذا النهي يشمل البائع والمشترى.

3- أن بدو صلاح ثمرة النخيل باحمرارها أو باصفرارها.

4- أن بدو صلاح العنب بأن يبيض أو يسود ويطيب.

5- أن بدو صلاح الحب بأن يشتد ويطعم.

6- حرص الشريعة على صيانة أموال الناس وعدم أكلها بالباطل.

7- لا يحل لمسلم أن يمكِّن أحدًا من أكل ماله بالباطل.

8- حرص الشريعة على القضاء على أسباب المخاصمات والمنازعات.