باب صفة القيامة والرقائق والورع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم27-2

سنن الترمذى

باب صفة القيامة والرقائق والورع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم27-2

حدثنا قتيبة قال: حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن عمرو المعافري، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صمت نجا»: " هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة. وأبو عبد الرحمن الحبلي هو: عبد الله بن يزيد "
‌‌

اللِّسانُ نِعمةٌ عظيمةٌ إذا أحسنَ المرءُ استعمالَه، ولكنْ وكَثيرٌ من الناسِ إذا تكلَّم، فيتكلَّمُ بما يُؤاخَذُ عليه في الآخِرَةِ، وإنَّما يَكُبُّ الناسَ على وُجوهِهم في النارِ حَصائِدُ أَلْسِنَتِهم من الشَّرِّ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ الرسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "مَنْ صَمَتَ نَجا"، أي: مَنْ سَكَتَ عن كُلِّ ما يُسبِّبُ له السَّيِّئاتِ، ويُبعِدُه عن الطاعَةِ والحَسَناتِ من شَرٍّ، فقد نَجا من جهنَّمَ وفازَ وَظَفَرَ بِكُلِّ خَيْرٍ، أو نَجا من آفاتِ الدارَيْنِ، وفازَ بالعاقِبَةِ الحَسَنةِ في الآخِرَةِ.

ولَفْظةُ الصَّمْتِ أبْلَغُ، وأَفْصَحُ من مُطلَقِ السُّكوتِ؛ لأنَّ الصَّمْتَ يُطلَقُ على المتكلِّمِ، وغيْرِ المتكلِّمِ، بخِلافِ السُّكوتِ، فلا يُطلَقُ إلَّا على مَن يَسْتطيعُ الكَلامَ ابْتِداءً، ويَنْبَغي أنْ يُعرَفَ أنَّ الكَلامَ بالخيْرِ، والأَمْرَ بالمَعْروفِ والنَّهْيَ عن المُنْكَرِ، وإدْمانَ ذِكْرِ اللهِ بكُلِّ أنْواعِه، وتِلاوَةَ القُرآنِ أفْضَلُ من الصَّمْتِ؛ لأنَّ الكَلامَ بذلِك غَنيمَةٌ، والصَّمْتُ سَلامَةٌ، والغَنيمَةُ فوْقَ السَّلامَةِ.
وفي الحديثِ: الحثُّ على الوصولِ إلى النَّجاةِ بلُزومِ الصمتِ عن الشرِّ .