باب ما جاء في المجاهد والناكح والمكاتب وعون الله إياهم
سنن الترمذى
حدثنا قتيبة قال: حدثنا الليث، عن ابن عجلان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف ": هذا حديث حسن
في هذا الحَديثِ يَقولُ الرَّسولُ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "ثلاثةٌ"، أي: ثلاثةُ أصنافٍ مِن النَّاسِ "حقٌّ على اللهِ"، أي: واجبٌ مِن اللهِ سبحانه وتعالى على نفسِه "عونُهم"، أي: تيسيرُ أمورِهم، وتوفيقُهم ونحوُ ذلك، وهُم: "المجاهدُ في سبيلِ اللهِ"، أي: المحارِبُ بسِلاحِه لنَشرِ كَلمةِ اللهِ تعالى، ويكونُ العونُ بتَيسيرِ أمورِ الجهادِ مِن أسلحةٍ وغيرِها، "والمكاتَبُ"، أي: العَبدُ الَّذي اتَّفَق مع مالِكِه على عِتْقِه إذا دفَع أو أدَّى إلى مالِكِه ما اتَّفَقا عليه مِن مالٍ أو غيرِه "الَّذي يريدُ الأداءَ"، أي: يُريدُ أداءَ ما اتَّفَق عليه مع مالكِه، فيُيسِّرُ اللهُ له ذلك، "والنَّاكِحُ الَّذي يريدُ العفافَ"، أي: الَّذي يُريدُ أن يتزوَّجَ ليُحصِّنَ نفْسَه مِن الزِّنا؛ وهذا لأنَّ تِلْكَ الأمورَ المذكورةَ مِن الأُمُور الشَّاقَّةِ والصَّعبةِ الَّتي تَقصِمُ الظَّهرَ، ولَولا أنَّ اللهَ تعالى يُعِينُ العبدَ عليها فإنَّه لا يَقومُ بِها، ولأنَّ كل واحدٍ منهم أرادَ أمرًا ندَب اللهُ تعالى إليه وحثَّ على فِعلِه، وهو سبحانَه الذي يُعينُ عِبادَه على ما أمَرَهم به.