باب ما جاء في الوضوء من الريح
عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله لا يقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ»، هذا حديث حسن صحيح
الحَدَثُ هو ما يَنقُضُ الوُضوءَ، والمُتَّصفُ به يُمنَعُ مِن كلِّ فِعلٍ يَلزَمُ له الوُضوءُ كالصَّلاةِ، والطَّهارةُ مِن الحَدَثِ شَرطٌ في صِحَّة الصَّلاةِ.وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ أبو هُريرةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «لا تُقبَلُ صَلاةُ مَن أحدَثَ حتَّى يَتوضَّأَ»، أي: حتَّى يَتطهَّرَ بماءٍ، فكلُّ مَن صلَّى وهو مُحدِثٌ، فإنَّ صَلاتَه غيرُ مَقبولةٍ، ولا تُجزِئ عنه، وقد فسَّر أبو هُريرةَ رَضيَ اللهُ عنه الحَدَثَ في هذا الحديثِ بالفُسَاءِ أو الضُّراطِ، والفُساءُ والضُّراطُ مُشتركانِ في كَونِهما رِيحًا، وكَونِهما يَخرُجانِ مِن الدُّبُرِ، ويَتميَّزُ الأوَّلُ أنَّه بدونِ صَوتٍ، والثاني أنَّه مع صَوتٍ. والحَدَثُ أعَمُّ مِن ذلك؛ فهو يَشمَلُ البَولَ والغائطَ، وهما مِن الحدَثِ الأصغَرِ، كما يَشمَلُ الجَنابةَ والجِماعَ مِن الحدَثِ الأكبَرِ، وغيرِ ذلك، وإنَّما اقتصَرَ على بَعضِ الأحداثِ؛ لأنَّه أجاب سائلًا سأَلَه عن المُصلِّي يُحدِثُ في صَلاتِه، فخرَجَ جَوابُه على ما يَسبِقُ المُصلِّيَ مِن الأحداثِ في صَلاتِه؛ لأنَّ البَولَ والغائطَ والمُلامَسةَ غيرُ مَعهودةٍ في الصَّلاةِ، وهو نحوُ قولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ للمُصلِّي الذي أخبَرَه أنَّه يشُكُّ في انتقاضِ وُضوئِه في الصَّلاةِ: «لا يَنْصَرِفْ حتَّى يَسمَعَ صَوتًا، أو يَجِدَ رِيحًا»؛ لأنَّ هذا غالبُ الحَدَثِ في الصَّلاةِ، ولا يُتصوَّرُ وُقوعُ غيرِه فيها، فكأنَّه أجاب السَّائلَ عمَّا يَجهَلُه منها، أو عمَّا يَحتاجُ إلى مَعرفتِه في غالبِ الأمْرِ، أو عمَّا يقَعُ في الصَّلاةِ.