‌‌باب الوضوء من النوم

‌‌باب الوضوء من النوم

عن أنس بن مالك، قال: «كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينامون ثم يقومون فيصلون، ولا يتوضئون»،: هذا حديث حسن صحيح، وسمعت صالح بن عبد الله، يقول: سألت عبد الله بن المبارك عمن نام قاعدا معتمدا؟ فقال: «لا وضوء عليه»، وقد روى حديث ابن عباس، سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن ابن عباس قوله، ولم يذكر فيه أبا العالية، ولم يرفعه " واختلف العلماء في الوضوء من النوم، فرأى أكثرهم: أن لا يجب عليه الوضوء إذا نام قاعدا أو قائما حتى ينام مضطجعا، وبه يقول الثوري، وابن المبارك، وأحمد " وقال بعضهم: إذا نام حتى غلب على عقله وجب عليه الوضوء، وبه يقول إسحاق "، وقال الشافعي: «من نام قاعدا فرأى رؤيا أو زالت مقعدته لوسن النوم، فعليه الوضوء

انتظارُ الصَّلاةِ بعدَ الصَّلاةِ- كانتظارِ العِشاءِ بعدَ المغربِ- مِن القُرباتِ العَظيمةِ، وهو كالرِّباط على الثُّغورِ؛ لأنّه قد ربَطَ نفسَه على هذا العمل؛ لِمَا في ذلك مِن عَظيمِ الفضلِ والأجرِ، وفي هذا الحديثِ يَحكي أنَسُ بنُ مالكٍ رَضِي اللهُ عَنه: أنَّه "كان أصحابُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَنتَظِرون العِشاءَ الآخِرةَ"، أي: يَنتظِرون إقامتَها وأداءَها في جَماعةٍ معَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، وتَسْميتُها بالآخِرةِ تَمييزًا لها عَن صلاةِ المغرِبِ؛ لأنَّها كانت تُسمَّى أيضًا بالعِشاءِ، "حتَّى تَخْفِقَ رؤوسُهم"، أي: تَميلَ مِنَ النُّعاسِ والنَّومِ وهم في حالةِ الانْتِظارِ، فإذا أُقيمتِ الصَّلاةُ، قاموا لها دونَ أنْ يتَوضَّؤوا وُضوءًا جديدًا بسبب النَّومِ على تلك الحالةِ؛ وذلك لِتَمكُّنِهم في الجلوسِ ووَعْيِهم بما حولَهُم؛ ولأنَّهُمْ لم يَناموا نومًا عميقًا يَنْقُضُ الوضوءَ.
وفي الحديثِ: بيانُ ما كان عِندَ الصَّحابةِ رَضِي اللهُ عَنهم مِن حِرصٍ على تَحصيلِ عظيمِ الأجرِ والثَّوابِ.