مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه 660
مسند احمد
حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: قال عبد الله: «كأنما أنظر إلى بياض خد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لتسليمته اليسرى»
كان الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم يَرقُبونَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في عِباداتِه ومُعامَلاتِه، وفي كُلِّ حَياتِه، ومِن ذلك مُراقَبَتُهم له في الصَّلاةِ؛ الفَرضِ منها والتَّطَوُّعِ؛ لِيَتعَلَّموا منه
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عَبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه يَتذَكَّرُ هَيئةَ التَّسليمِ التي كانَ يَفعَلُها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأنَّه كان يُسَلِّمُ حتى يَرى مَن خَلفَه مِنَ المَأْمومينَ بَياضَ خَدِّه الأيسَرِ، وهذا يَدُلُّ على أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يُبالِغُ في الالتِفاتِ وهو يُسلِّمُ مِنَ الصَّلاةِ، والتأكيدُ بالأيسَرِ لِيَدفَعَ التَّوَهُّمَ أنَّ المُبالَغةَ يُكتَفى بها في التَّسليمةِ الأُولى؛ لِأنَّها الواجِبةُ، فكانَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُسَلِّمُ جِهةَ اليَمينِ وجِهةَ الشِّمالِ، وقَولُه: (كأنَّما أنظُرُ) يَدُلُّ على شِدَّةِ استِحضارِه لِصُورةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في ذِهنِه، وكأنَّه يَراها بالبَصرِ؛ تَنبيهًا على تَحقُّقِ الأمْرِ