باب الدعوات عن النبي صلى الله عليه وسلم43
سنن الترمذى
حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن قال: أخبرنا يحيى بن حسان قال: حدثنا أبو معاوية، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن سيار، عن أبي وائل، عن علي، أن مكاتبا جاءه فقال: إني قد عجزت عن مكاتبتي فأعني، قال: ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان عليك مثل جبل صير دينا أداه الله عنك، قال: " قل: اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك ": هذا حديث حسن غريب
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ علِيُّ بنُ أبي طالِبٍ رَضِي اللهُ عَنه، "أنَّ مُكاتَبًا"، مِن المُكاتبَةِ، وهي أنْ يتَعاقَدَ العبْدُ مع سيِّدِه على قدْرٍ مِن المالِ إذا أدَّاه له أصبَح حُرًّا، "جاءَه"، أي: جاء هذا العبْدُ المُكاتَبُ إلى علِيِّ بنِ أبي طالِبٍ رَضِي اللهُ عَنه، "فقال" المُكاتَبُ لعلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ رَضِي اللهُ عَنه: "إنِّي قد عَجَزْتُ عن كِتابَتي"، أي: لم أستطِعْ أداءَ مالِ الكِتابَةِ، فليس لي مالٌ، ولا عمَلٌ أكتسِبُ منه المالَ، "فأعِنِّي"؛ بمالٍ أو بدُعاءٍ أو شَفاعَةٍ، حتَّى أقضِيَ كِتابَتي، "قال"، أي: علِيُّ بنُ أبي طالِبٍ رَضِي اللهُ عَنه: "ألَا أُعلِّمُك"، أي: هل أُعلِّمُك، "كلِماتٍ" تَقولُهنَّ لِيَذهَبَ دَيْنُك، ويَقضِيَ اللهُ تعالى حاجَتَك، "علَّمَنيهنَّ"، أي: هذه الكلِماتُ علَّمَها لي، "رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، لو كان علَيك"، أي: مِن الدُّيونِ، "مثْلُ جبَلِ صِيرٍ"، وهو اسْمُ جبَلٍ ببِلادِ طَيِّئٍ، وقيل: باليمَنِ، "دَيْنًا"، أي: لو كان مِقدارُ أو حجْمُ الدَّيْنِ مثْلَ حجْمِ هذا الجبَلِ، "أدَّاه اللهُ عنكَ"، وأعانك علَيه ورَزَقك مالًا أو أحَدًا يَسُدُّ عنك مِن حيثُ لا تَدري، "قال"، أي: علِيُّ بنُ أبي طالِبٍ رَضِي اللهُ عَنه: "قُل"، أي: ادْعُ اللهَ تعالى بقوْلِك: "اللَّهمَّ اكْفِني بحَلالِك عن حَرامِك"، أي: قَنِّعْني بالحَلالِ وسُقْهُ إليَّ منه في كلِّ شيْءٍ؛ حتَّى لا أحتَاجَ معه إلى الحَرامِ، "وأغْنِني بفضْلِك عمَّن سِواكَ"، مِن الخلْقِ؛ حتَّى لا أحتاجَ إليهِم، ولا أُنزِلَ حاجَتي بأحَدٍ منهم.
وفي الحَديثِ: الحَثُّ على ردِّ السَّائلِ ردًّا حسَنًا إذا لم يكُنْ لك ما تُعطِيه.
وفيه: تنبِيهُ العالِمِ للمُتعَلِّمِ، وتَذكِيرُه بما يَحتاجُ إليه.
وفيه: أنَّ اللهَ سبحانه وتعالى كافٍ عبْدَه المؤمِنَ.