‌‌باب الدعوات عن النبي صلى الله عليه وسلم24

سنن الترمذى

‌‌باب الدعوات عن النبي صلى الله عليه وسلم24

حدثنا الحسن بن عرفة قال: حدثنا إسماعيل بن عياش، عن محمد بن زياد، عن أبي راشد الحبراني، قال: أتيت عبد الله بن عمرو بن العاص، فقلت له: حدثنا مما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فألقى إلي صحيفة، فقال: هذا ما كتب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فنظرت فيها فإذا فيها: إن أبا بكر الصديق قال: يا رسول الله علمني ما أقول إذا أصبحت وإذا أمسيت، فقال: " يا أبا بكر قل: اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة لا إله إلا أنت رب كل شيء ومليكه، أعوذ بك من شر نفسي، ومن شر الشيطان وشركه، وأن أقترف على نفسي سوءا أو أجره إلى مسلم ".: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه

ذِكْرُ اللهِ تعالى مِن أجَلِّ العباداتِ الَّتي يَنبَغي على الإنسانِ أن يَحرِصَ علَيها؛ لذلك كان الصَّحابةُ رَضِي اللهُ عَنْهم يَحرِصون على الذِّكْرِ في جميعِ أوقاتِهم مِن اللَّيلِ والنَّهارِ، ويَسأَلونَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم أن يُعلِّمَهم ذلك.
وفي هذا الحَديثِ يَحكِي أبو هُريرةَ رضِيَ اللهُ عنه: "أنَّ أبا بكرٍ الصِّدِّيقَ رَضِي اللهُ عَنه قال: يا رسولَ اللهِ، مُرْني بكَلِماتٍ أقولُهنَّ"، يَعْني: بِدُعاءٍ أقولُه، "إذا أصبَحتُ وإذا أمسَيتُ", فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "قُلِ: اللَّهمَّ فاطِرَ"، أي: خالِقَ "السَّمواتِ والأرضِ" على غيرِ مِثالٍ سبَقَ، "عالِمَ الغيبِ"، أي: ما غابَ عَنِ العبادِ "والشَّهادةِ" وما يُشاهِدونَه، "ربَّ كلِّ شيءٍ وخالِقَه ومَلِيكَه"، أي: المالِكَ لكلِّ شيءٍ، المتصرِّفَ فيه بمشيئتِكَ، "أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا أنتَ"، أي: أشهَدُ أنَّه لا مَعْبودَ بحقٍّ إلَّا أنتَ، "أعوذُ بِكَ"، أي: ألتَجِئُ إليك وأحتَمِي بك، "مِن شرِّ نَفْسي"، الأمَّارةِ بالسُّوءِ، "وشَرِّ الشَّيطانِ"، أي: إغوائِه ووَسْوستِه، "وشِرْكِه"، يَعْني: وما يَدْعو إليه مِن الشِّركِ والكُفرِ.
ثمَّ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لأبي بكرٍ رَضِي اللهُ عَنه: "قُلْها"، أي: هذه الكَلِماتِ، "إذا أصبَحْتَ, وإذا أمسَيتَ"، أي: في الصَّباحِ وفي المساءِ، "وإذا أخَذتَ مَضجَعَك"، أي: إذا أردْتَ النَّومَ، وهكذا؛ لِيَشمَلَ اليومَ كلَّه.
وفي الحديثِ: فضلُ أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رَضِي اللهُ عَنْه، وبيانُ حِرصِه على سؤالِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن الخيرِ وما فيه الثَّوابُ والأجرُ.
وفيه: الحرصُ على أذكارِ الصَّباحِ والمساءِ.