باب ما جاء في الوضوء من الريح
عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا كان أحدكم في المسجد فوجد ريحا بين أليتيه فلا يخرج حتى يسمع صوتا، أو يجد ريحا»، وفي الباب عن عبد الله بن زيد، وعلي بن طلق، وعائشة، وابن عباس، وأبي سعيد،: هذا حديث حسن صحيح " وهو قول العلماء: أن لا يجب عليه الوضوء إلا من حدث يسمع صوتا أو يجد ريحا " وقال ابن المبارك: «إذا شك في الحدث، فإنه لا يجب عليه الوضوء، حتى يستيقن استيقانا يقدر أن يحلف عليه»، وقال: «إذا خرج من قبل المرأة الريح وجب عليها الوضوء» وهو قول الشافعي، وإسحاق
يَّنَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أحكامَ العِباداتِ بأكمَلِها؛ حتى يأْتِيَ المُسلِمُ بالعِبادَةِ على أتَمِّ وجْهٍ لها، لا سيَّما والإسلامُ دِينُ الطَّهارةِ.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "لا وُضوءَ"، أي: لا يَلزَمُ تجْديدُ الوُضوءِ مرَّةً ثانيةً، "إلَّا مِن صَوتٍ"، أي: بسَببِ خُروجِ صَوتٍ، وهو ما يَخرُجُ مِن الدُّبرِ بصَوتٍ، ولا يُشترَطُ له رائحةٌ، والأمْرُ الثاني الذي يجِبُ فيه الوُضوءُ: "أو رِيحٍ"، أي: خُروجِ رِيحٍ، والرِّيحُ: هو ما يَخرُجُ مِن الدُّبرِ بدونِ صَوتٍ، وله رائحةٌ كَريهةٌ، هذه هي الأُمورُ التي أرادَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّها متى حدَثَتْ ودخَلَ وقتُ الصَّلاةِ، لزِمَ الوُضوءُ لأجْلِها، فعلَى المسلمِ ألَّا يَسيرَ وراءَ الشَّكِّ والوساوسِ؛ فإنَّ تَجديدَ الوُضوءِ لا يكونُ إلَّا للمُتيقِّنِ مِن وُقوعِ هذه الأمورِ ونحْوِها، أمَّا مُجرَّدُ الشَّكِّ العابرِ الذي لا يَصحَبُه يقينٌ فلا.
وفي الحَديثِ: تَيسيرُ الشَّرعِ في أُمورِ العِباداتِ، وتجْديدُ الوُضوءِ عندَ التَّيقُّنِ مِن نقْضِه