باب ومن سورة ألهاكم التكاثر4
سنن الترمذى
حدثنا عبد بن حميد قال: حدثنا شبابة، عن عبد الله بن العلاء، عن الضحاك بن عبد الرحمن بن عرزم الأشعري، قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أول ما يسأل عنه يوم القيامة - يعني العبد من النعيم - أن يقال له: ألم نصح لك جسمك، ونرويك من الماء البارد ": «هذا حديث غريب» والضحاك هو ابن عبد الرحمن بن عرزب، ويقال ابن عرزم، وابن عرزم أصح "
نِعَمُ اللهِ تعالى على خَلقِه كَثيرةٌ جِدًّا لا تُحصى، والواجِبُ على العَبدِ أن يَشكُرَ اللهَ تعالى ويَحمَدَه عليها، حتَّى تَدومَ هذه النِّعَمُ، فيَستَعمِلُ هذه النِّعَمَ في طاعةِ اللهِ؛ فإنَّ الإنسانَ سَوف يُسألُ عن هذه النِّعَمِ، كما قال تعالى: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر: 8]؛ ولهذا جاءَ في الحَديثِ: إنَّ أوَّلَ ما يُسألُ عنه العَبدُ يَومَ القيامةِ منَ النَّعيمِ أن يَقولَ اللهُ تعالى له: ألم نُصِحَّ لك جِسمَك، أي: بأن جَعَلْناك صَحيحَ البَدَنِ وصَحيحَ السَّمعِ والبَصَرِ؛ فإنَّ صِحَّةَ البَدَنِ من أعظَمِ النِّعَمِ بَعدَ الإيمانِ، ونُرْوِيَك منَ الماءِ البارِدِ الذي هو من ضَرورةِ بَقائِك ولولاه لفَنِيتَ؛ ولهذا كان جديرًا بالسُّؤالِ عنه والامتِنانِ به، فماذا عَمِلتَ في هذه النِّعَمِ، وهل استَعمَلْتَها في طاعةِ اللهِ تعالى أم لا؟ وخَصَّ هاتَينِ بالأوَّليَّةِ لأنَّهما أمُّ النِّعَمِ؛ فإنَّ الصِّحَّةَ هي نِعمةٌ مُفرَدةٌ تَأتي بكُلِّ جَمعٍ؛ فإنَّ كُلَّ نِعمةٍ في ضِمنِها، والتَّرويةُ منَ الماءِ نِعمةٌ يَحتاجُ لها العَبدُ أشَدَّ الاحتياجِ بحَيثُ إنَّه لا يَستَطيعُ أن يَستَغنيَ عنِ الماءِ.
وفي الحَديثِ بَيانُ أنَّ أوَّلَ ما يُسألُ عنه العَبدُ يَومَ القيامةِ منَ النِّعَمِ الصِّحَّةُ والماءُ.
وفيه أنَّ صِحَّةَ البَدَنِ نِعمةٌ عَظيمةٌ للإنسانِ.
وفيه أهَمِّيَّةُ الماءِ للإنسانِ.