باب صفة القيامة والرقائق والورع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم29

سنن الترمذى

باب صفة القيامة والرقائق والورع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم29

حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال: حدثنا أبو أسامة قال: حدثنا بريد بن عبد الله، عن أبي بردة، عن أبي موسى، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي المسلمين أفضل؟ قال: «من سلم المسلمون من لسانه ويده» هذا حديث صحيح غريب من هذا الوجه من حديث أبي موسى "

الإسلامُ دِينٌ يُوازِنُ بين العِباداتِ والمُعاملاتِ والأخلاقِ، وكلُّ ذلك يَظهَرُ في سُلوكِ المُسلمِ، وتَعامُلاتِه مع النَّاسِ بالقَولِ والعملِ.
وهذا الحديثُ يُوضِّحُ بعضًا من هذه المعاني، حيثُ يقولُ أبو هُريرةَ رضِي اللهُ عنه: قال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "المُسلِمُ مَن سَلِمَ النَّاسُ من لِسانِه ويَدِه"، أي: المُسلِمُ الحقُّ هو مَن أمِنَ النَّاسُ مِن شَرِّ لِسانِه؛ بالقولِ الفاحشِ القبيحِ، ومِن شَرِّ يَدِه؛ بالبطْشِ والأذى والسَّرقةِ وغيرِ ذلك، ويُمكِنُ أنْ يكونَ المعنى: أنَّ مِن علامةِ الإسلامِ أنْ يظهَرَ أثَرُه على المرْءِ المُسلِمِ في عدَمِ أذيَّتِه للخَلْقِ بالقولِ أو اليدِ، وفي روايةٍ: "مَن سلِمَ المُسلمونَ مِن لسانِه ويَدِه"؛ فيكون المقصودُ بالنَّاسِ هم المُسلِمين، وعلى الروايةِ الأُخرَى فالناسُ حقيقةً عِندَ الإطلاقِ؛ لأنَّ الإطلاقَ يُحمَلُ على الكاملِ، ولا كَمالَ في غير المُسلِمينَ، ويُمكنُ حملُ لفظِ (النَّاسِ) على عُمومِه على إرادةِ شرْطٍ وهو "إلَّا بحَقٍّ"، "والمُؤمنُ مَن أمِنَه النَّاسُ على دِمائِهم وأموالِهم"، أي: المُؤمنُ الحقُّ والَّذي تحقَّقَت له صِفَةُ الإيمانِ، وظهَرَت عليه علاماتُه بأنْ يأمَنَه النَّاسُ، ولا يَخافونه على أنفُسِهم وأرواحِهم وأموالِهم، فلا يقتُلُ ولا يسرِقُ ولا ينهَبُ، ويَحتمِلُ أنْ يكونَ المُرادُ بذلك الإشارةَ إلى الحثِّ على حُسْنِ مُعاملةِ العبْدِ مع رَبِّه؛ لأنَّه إذا أحسَنَ مُعاملةَ إخوانِه؛ فأوْلى أنْ يُحسِنَ مُعاملةَ رَبِّه، مِن بابِ التَّنبيهِ بالأَدْنَى على الأعْلَى.
وفي الحديثِ: الحضُّ على ترْكِ أذى النَّاسِ باللِّسانِ واليَدِ والأذى كلِّه.