باب صفة القيامة والرقائق والورع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم31-1
سنن الترمذى
حدثنا أبو يحيى محمد بن عبد الرحيم البغدادي قال: حدثنا معلى بن منصور قال: حدثنا عبد الله بن جعفر المخرمي - هو من ولد المسور بن مخرمة - عن عثمان بن محمد الأخنسي، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إياكم وسوء ذات البين فإنها الحالقة»: " هذا حديث صحيح غريب من هذا الوجه، ومعنى قوله وسوء ذات البين إنما يعني العداوة والبغضاء، وقوله الحالقة يقول: إنها تحلق الدين "
مِن مقاصِدِ شريعةِ الإسلامِ السَّمحةِ: إصلاحُ ذاتِ البَينِ، وقد حَثَّ الشَّرعُ الحنيفُ على الإصلاحِ بينَ النَّاسِ ورغَّب فيه ومدَح فاعِلَه، وكذلك حذَّر مِن الإفسادِ بينَ النَّاسِ وضاعَف العُقوبةَ لِمَن يَفعَلُ ذلك.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: "إيَّاكم وسُوءَ ذاتِ البِينِ"، أي: احْذَروا واتَّقوا، ولا تفعَلوا الإفسادَ بينَ النَّاسِ ونشْرَ العداوةِ والبغضاءِ بينَهم، وإشاعةَ الخُصوماتِ والمُشاحَناتِ فيهم، كما قال اللهُ تعالَى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} [الأنفال: 1]؛ "فإنَّها الحالِقةُ"، أي: إنَّها تَحلِقُ الدِّينَ وتُزيلُه وتَمْحو الحسَناتِ وتُهلِكُ صاحِبَها، أو هي الحالقةُ لكم؛ لأنَّه ينتجُ عنها الفسادُ الذي لا يَتناهي من الفِتنِ وسَفكِ الدِّماءِ المؤديةِ لذَهابِكم نفْسًا ومالًا وعِرضًا ودِينًا؛ بحيثُ لا يبقى شيءٌ فتكون مزيلةً لكم كما يُزال الشعرُ بالحَلْقِ، بعكسِ الائتلافِ بين الناسِ واستمرارِه على الحالةِ المحمودةِ؛ فإنَّ فيه صلاحًا ونماءً وبركةً.