باب صفة القيامة والرقائق والورع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم35-3
سنن الترمذى
حدثنا عباس الدوري قال: حدثنا عبد الله بن يزيد قال: حدثنا سعيد بن أبي أيوب، عن أبي مرحوم عبد الرحيم بن ميمون، عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أعطى لله، ومنع لله، وأحب لله، وأبغض لله، وأنكح لله، فقد استكمل إيمانه»: «هذا حديث منكر»
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "مَن أعطَى للهِ"، أي: ما كان مِن إنفاقٍ كصَدَقةٍ وهَديَّةٍ لا يُريدُ بها إلَّا وجهَ اللهِ عزَّ وجلَّ، "ومنَع للهِ"، أي: وأمسَك وامتنَع عن إنفاقِ مالِه في غيرِ ما أمَر به اللهُ عزَّ وجلَّ، وكان إمساكُه طلبًا لرِضا اللهِ وليس منعًا لِهوًى في نفْسِه مع الشُّحِّ والبُخلِ، "وأحَبَّ للهِ، وأبغِض للهِ"، أي: أحَبَّ وأبغَض بما يُقرِّبُ مِن طاعةِ اللهِ، فيُخرِجُ حظَّ النَّفسِ مِن الحبِّ والكُرهِ للغيرِ، إلَّا بما يُرضي اللهَ عزَّ وجلَّ، "وأَنْكَح للهِ"، أي: كان زَواجُه وتزويجُه لأبنائِه وبناتِه أو مَن يَلي أمْرَهم وفْقَ ما أوْصَى به رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مُتقرِّبًا بذلك إلى اللهِ تعالى؛ "فقد استَكمَل إيمانَه"، أي: مَن جعَل حَياتَه كلَّها للهِ كان جَزاؤُه أنَّه كَمُل إيمانُه.
وهذا كما قالَ تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 162]، قيل: وإنَّما خصَّ الأفعالَ الأربعةَ؛ لأنَّها حظوظٌ نَفْسانيَّةٌ؛ إذْ قلَّما يُمحِّصُها الإنسانُ للهِ تعالى، فإنْ قدَرَ على مِثلِ تلك الأمورِ أنْ يَجعَلَها للهِ تعالى، كان على غَيرِها أقدَرَ.
وفي الحَديثِ: الحثُّ على إخلاصِ العَمَلِ للهِ عزَّ وجلَّ.