‌‌باب ما جاء في فضل الحرس في سبيل الله

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في فضل الحرس في سبيل الله

حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال: حدثنا بشر بن عمر قال: حدثنا شعيب بن رزيق أبو شيبة قال: حدثنا عطاء الخراساني، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله ": وفي الباب عن عثمان، وأبي ريحانة. وحديث ابن عباس حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث شعيب بن رزيق
‌‌

في هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "عَينانِ لا تمَسُّهما النَّارُ"، أي: نَوعانِ مِن النَّاسِ لا يَدخُلون النَّارَ، وعبَّر بالعينِ إشارةً إلى أنَّ غيرَها مِن أعضاءِ الجسَدِ أولى مِن ألَّا تُعذَّبَ بالنَّارِ؛ وخَصَّها هنا بالذِّكرِ لأنَّ العمَلَ الظَّاهِرَ يَصدُرُ عنها: "عينٌ بكَتْ مِن خشيةِ اللهِ"، أي: الَّذي يَبْكي خَوفًا ورَجاءً للهِ عزَّ وجلَّ عندَ توبةٍ أو ذِكرٍ أو طاعةٍ، وهذه رحمةٌ عامَّةٌ لكلِّ مَن اتَّصَف بهذه الصِّفةِ مِن المسلمين، وإن كان الأَوْلى بها العلماءَ؛ لأنَّ اللهَ يَقولُ: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28]، "وعينٌ باتَت تَحرُسُ في سبيلِ اللهِ"، أي: الَّذي يُجاهِدُ في سبيلِ اللهِ، وبالأخَصِّ الَّذي بات على ثغورِ المسلِمين يَحرُسُها مِن الأعداءِ؛ طلَبًا للأجرِ والثَّوابِ مِن اللهِ عزَّ وجلَّ، وهذه مَرتَبةُ المُجاهِدين في العبادةِ وهي تَشمَلُ الحجَّ وطلَبَ العلمِ والجهادَ في سبيلِ اللهِ بالحربِ، وغيرَ ذلك مِن العباداتِ والمجاهَداتِ للنَّفسِ.
وفي الحَديثِ: الحضُّ على البُكاءِ خَشيةً مِن اللهِ وخوفًا منه.
وفيه: الحضُّ على الجِهادِ وطلَبِ الغَزوِ والبياتِ على الثُّغورِ في سبيلِ اللهِ تعالى.