باب صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -6
بطاقات دعوية
عن البراء قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس وجها، وأحسنه خلقا، ليس بالطويل البائن، ولا بالقصير.
كان الصَّحابةُ الكِرامُ رَضيَ اللهُ عنهم يُحبُّونَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حُبًّا جَمًّا، حتَّى أنَّهم يَحْكُونَ ويَنقُلونَ لمَن بعْدَهم شَمائلَه وأوْصافَه الجَسديَّةَ والمَعْنويَّةَ.
وفي هذا الحَديثِ يَحْكي أنَسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه، عن بَعضِ صِفاتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الجِسميَّةِ، فأخْبَرَ أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان «رَبْعةً مِن القَومِ»، أي: مُتوسِّطَ الطُّولِ بيْن الطَّويلِ المُفرِطِ في الطُّولِ، والقَصيرِ الشَّديدِ القِصَرِ، أمَّا لونُ بشَرَتِه فقدْ كان «أزْهَرَ اللَّونِ»، أي: أبْيضَ مُشرَبًا بحُمْرةٍ، ليس بأبْيضَ «أمْهَقَ»، أي: لم يكُنْ خالِصَ البَياضِ كلَونِ الجِيرِ، وهو لَونٌ غيرُ مُحبَّبٍ في البشَرِ، «ولا آدَمَ»، أي: وكذلك لم يكُنْ أسمَرَ اللَّونِ. أمَّا شَعرُه فإنَّه «ليس بجَعْدٍ قَطَطٍ»، أي: ليس شَعرُه خشِنًا شَديدَ الخُشونةِ كشَعرِ الحَبَشةِ، «ولا سَبِطٍ»، أي: ولا ناعِمِ الشَّعرِ شَديدِ النُّعومةِ، ولكنَّه شَعرٌ «رَجِلٌ»، يَعْني: مُنسَرِحًا مُستَرسِلًا، فيه بَعضُ التَّكسُّرِ، ثمَّ أخبَرَ أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُنزِلَ عليه الوَحيُ بالرِّسالةِ وهو ابنُ أربَعينَ سَنةً، فمَكَثَ بمكَّةَ عشْرَ سنينَ، بعدَ نُزولِ الوَحيِ، ومَجيءِ الملَكِ بـقولِه تعالَى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [المدثر: 1]، وإلَّا فإنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مكَثَ ثَلاثةَ عشَرَ عامًا بمكَّةَ مِن أوَّلِ ما جاءَه الملَكُ بالنُّبوَّةِ، وبالمَدينةِ عشْرَ سِنينَ، وقُبِضَ وليس في رَأسِه ولِحْيتِه عِشرونَ شَعرةً بَيضاءَ.
قال رَبيعةُ بنُ أبي عبدِ الرَّحمنِ -أحدُ رُواةِ الحديثِ-: «فرَأيْتُ شَعرًا مِن شَعرِه، فإذا هو أحمَرُ، فسألْتُ»، يَحتمِلُ أنَّه سَأَلَ أنسَ بنَ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه، فقيلَ: «احمَرَّ منَ الطِّيبِ»، يَعني: أنَّه لم يَختَضِبْ، وأنَّ الطِّيبَ الَّذي كان يُطيَّبُ به شَعرُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هو الَّذي غيَّرَ لونَه.
وفي الحَديثِ: صِفةُ خَلْقِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأنَّه كان أحسَنَ النَّاسِ خَلْقًا.