باب ضالة الإبل والبقر والغنم 2
سنن ابن ماجه
حدثنا محمد بن بشار، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا أبو حيان التيمي، حدثني الضحاك خال المنذر (2) بن جرير، عن المنذر بن جرير، قال:كنت مع أبي بالبوازيج، فراحت البقر، فرأى بقرة أنكرها، فقال: ما هذه؟ قالوا: بقرة لحقت بالبقر. قال: فأمر بها فطردت حتى توارت، ثم قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يؤوي الضالة إلا ضال" (1).
على مَن يَجِدُ لُقَطةً أو ضائعةً أن يُعرِّفَها حتَّى يَجِدَها صاحِبُها، وعليه أن يَلتَزِمَ بأحكامِ الشَّرعِ في هذا الأمرِ.
وفي ذلك يقولُ المُنذِرُ بنُ جَريرٍ: "كنتُ معَ جَريرٍ"، وهو ابنُ عبدِ اللهِ رَضِي اللهُ عَنه، "بالبَوازِيجِ"، وهي: مدينةٌ قُربَ دِجْلةَ، "فجاءَ الرَّاعي بالبقَرِ"، أي: جاء بها مِن المرعَى الَّذي كانت تَرْعى به، "وفيها بقرةٌ ليسَت مِنها"، أي: ليسَت مِن باقي القَطيعِ، "فقال له جريرٌ"، أي: للرَّاعي: "ما هذه؟"، أي: تلك البقَرةُ الَّتي ليسَتْ مِن القطيعِ، قال الرَّاعي: "لَحِقَت بالبقَرِ، لا نَدْري لِمَن هي"، أي: لا نَعرِفُ صاحِبَها، "فقال جَريرٌ: أخرِجوها"، أي: مِن القَطيعِ؛ حتَّى يَعرِفَ بها صاحِبُها، "فقد سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يَقولُ: لا يَأْوي"، أي: يَضُمُّ إلى مالِه، "الضَّالَّةَ"، أي: الَّتي ضلَّت صاحِبَها ولا يُعرَفُ مَن هو، "إلَّا ضالٌّ"، أي: آكِلٌ للباطلِ مُبتعِدٌ عن الحقِّ؛ وذلك لعَدَمِ سَعيِه في مَعرفةِ صاحِبِها؛ وذلك لأنَّ الضَّالَّةَ مِن الحيَواناتِ إذا وجَدَها المرءُ لم يَجُزْ له أن يتَعرَّضَ لها أو يأخُذَها ما دامَت بحالٍ تَمتنِعُ بنَفسِها وتستَقِلُّ بقوَّتِها، حتَّى يأخُذَها ويَجِدَها صاحِبُها، ورأى البعضُ أن يأخُذَها إذا خافَ عليها الهلَكةَ أو الضَّياعَ، ثمَّ يُعرِّفَها، ويُعلِنَ أنَّ لدَيه ضالَّةً فمَن أتى بوَصفِها فهو صاحِبُها.
وفي الحديثِ: الحذَرُ مِن أخْذِ أموالِ النَّاسِ بغيرِ حقٍّ، ولو عن غيرِ قصدٍ.