باب ضجاع آل محمدﷺ 1
سنن ابن ماجه
حدثنا عبد الله بن سعيد، حدثنا عبد الله بن نمير، وأبو خالد، عن هشام بن عروة، عن أبيه
عن عائشة قالت: كان ضجاع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أدما، حشوه ليف (2)
خُيِّرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بينَ أنْ يكونَ عبدًا نبيًّا، أو ملَكًا نبيًّا، فاختارَ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أن يكونَ عبدًا نبيًّا؛ تواضُعًا منه وزهدًا في الدُّنيا للهِ سبحانه وتعالى، وفي هذا الحديثِ بيانٌ لبعضِ مظاهرِ تواضعِه صلَّى الله عليه وسلَّم، حيثُ تقولُ عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها: "إنَّما كان فِراشَ النَّبيِّ صلَّى الله عليه سلم الَّذي ينامُ عليه أَدَمٌ"، والأَدَمُ: الجِلدُ المدبوغُ، "حَشْوُه لِيفٌ"، أي: يُحشَى بداخلِ هذا الجِلدِ اللِّيفُ الَّذي يكونُ مِن قِشرِ النَّخيلِ، وكانتْ أبياتُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم كلُّها قليلةَ المتاعِ، وفي صَحيحِ البخاريِّ أنَّ عُمرَ بنَ الخطَّابِ دخَل عليه صلَّى الله عليه وسلَّم وهو في مَشرُبَتِه، فوَجَده نائمًا على حَصيرٍ ما بَيْنَه وبَيْنَه شَيءٌ، وتَحْتَ رَأْسِه وِسادَةٌ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُها لِيفٌ، وقال عُمرُ: "فرَأيتُ أثَرَ الحَصيرِ في جَنْبِه، فبَكَيْتُ، فقال: ما يُبْكيكَ؟ فقُلْتُ: يا رسولَ اللهِ، إنَّ كِسْرى وقَيْصَرَ فيما هُما فيه وأَنتَ رَسولُ اللهِ. فقال: أمَا تَرضَى أن تَكونَ لهمُ الدُّنيا ولَنَا الآخِرَةُ؟"، وهكذا أوضَح النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه آثَرَ وفضَّل الآخِرةَ ونَعيمَها على الدُّنيا وما فيها.