باب ضجاع آل محمدﷺ 2
سنن ابن ماجه
- حدثنا واصل بن عبد الأعلى، حدثنا محمد بن فضيل، عن عطاء بن السائب، عن أبيه عن علي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى عليا وفاطمة، وهما في خميل لهما -والخميل: القطيفة البيضاء من الصوف- قد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جهزهما بها، ووسادة محشوة إذخرا، وقربة (1)
ضرَبَ لنا النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أروَعَ الأمثلةِ العمليَّةِ في التَّواضُعِ والتَّيسيرِ في أُمورِ الحياةِ، مع المُحافظةِ على أُمورِ الدِّينِ، وخاصَّةً عند الزَّواجِ، وقد جهَّزَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَناتِه بما تيسَّرَ له.
وفي هذا الحديثِ يُخْبِرُ عليٌّ رضِيَ اللهُ عنه: "أنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أتى عليًّا وفاطمةَ وهما في خَميلٍ لهما- والخَميلُ: القَطيفةُ البيضاءُ مِن الصُّوفِ- قد كان رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جهَّزَهما بها"، أي في عُرسِهما، "ووِسادةٍ مَحشوَّةٍ إذخرًا"، والوِسادةُ: كلُّ ما يُتوسَّدُ به، أو يُرتفَقُ فيه للنَّومِ أو الجُلوسِ عليه مِن قُمَاشٍ وغيرِه، والإذخرُ هو نَباتٌ زَكيُّ الرَّائحةِ، وإذا جَفَّ ابْيضَّ، "وقِربةٍ" وهي وِعاءٌ من جِلدِ الماعزِ والأغنامِ المدبوغِ، ويُحْفَظُ فيها الماءُ والسَّوائلُ، وهذا يدُلُّ على تَيسيرِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فيما جهَّزَ به ابنتَه للزَّواجِ، حيثُ لم يعسرْ على نفْسِه ولا على زَوجِ ابنتِه، وفي هذا أروعُ الأمثلةِ العَمليَّةِ لتَعليمِ الأُمَّةِ، مع أنَّه صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لم يَمنَعْ أصحابَ المالِ والثَّرواتِ من تَجهيزِ زواجِهم بما يُناسِبُ أحوالَهم وأحوالَ زَوجاتِهم وبما يحتاجُ إليه بيتُ الزَّوجيَّةِ، بل كلُّ ما نَهَى عنه هي الأُمورُ العامَّةُ مِن الإسرافِ والتَّفاخُرِ والمُباهاةِ.