باب طلوع الشمس من مغربها1
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا محمد بن فضيل، عن عمارة ابن القعقاع، عن أبي زرعة
عن أبي هريرة، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت ورآها الناس، آمن من عليها، فذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها (2) " (3)
كانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُخبِرُ أصحابَه رَضِيَ اللهُ عنهم بعَلاماتِ يوْمِ القيامةِ، وأُمورِ آخِرِ الزَّمانِ، وأحداثِ ذلك اليومِ ونحْوِها مِن الأُمورِ الغَيبِيَّةِ التي لا يَعلَمُها إلَّا اللهُ؛ للعِبرةِ والعِظةِ والاستِعدادِ لهذِهِ الأيَّامِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه لا تَقومُ السَّاعةُ حتَّى تَطلُعَ الشَّمسُ مِن مَغْربِها؛ وذلك على غيرِ العادةِ التي تَطلُعُ عليها كُلَّ يَومٍ، وهو طلوعُها من المشرِقِ، وهي من العلاماتِ الكُبرى، فإذا طَلَعتِ الشَّمسُ مِن مَغْرِبِها ورَآها النَّاسُ، فإنَّهم يُؤمِنونَ بها ويُوقِنونَ بِالحقِّ، وعندَ ذلك يُغلَقُ بابُ التَّوبةِ، ولا يَنفَعُ نفْسًا إيمانُها لم تكُنْ آمنَتْ مِن قَبْل طُلوعِ الشَّمسِ مِنَ المغرِبِ، أو يَزيدُ إيمانُها عمَّا كان عليْه قبْلَها.
ثم أخبر النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ السَّاعةَ تَأتي بَغْتةً؛ حتَّى إنهَّا تَقومُ والناسُ في أحوالِهم وشُؤونِ حياتهم؛ فتقومُ وقدْ نَشَرَ الرَّجلانِ ثَوْبَهما، يعني: عرَضَاه لِبَيعِه، فتَقومُ السَّاعةُ دُونَ أنْ يَتبايعانِه أو يَطويانِه، وتقومُ السَّاعةُ على رجُلٍ قدْ ذهَبَ بِلَبنِ لِقحتِه، وهي النَّاقةُ الحلوبُ قبْلَ أنْ يَشرَبَ منْه، وتَقومُ على رجُلٍ وهو يَليطُ حَوْضَه، يعني: يُصلحُ ويُطيِّنُ حَوْضَه دونَ أنْ يَشرَبَ منه، وتَقومُ على رجُلٍ قدْ رفعَ إلى فَمِه الطَّعامَ بيَدِه، فلا يُدرِكُ أنْ يَأكُلَ ذلك الطَّعامَ ويَحولُ بيْنه وبَيْن هذا الطَّعامِ قِيامُ السَّاعةِ.
وفي الحَديثِ: أنَّ السَّاعةَ تَأتِي فجْأةً، إلَّا أنَّ لها عَلاماتٍ.
وفيه: أنَّ بابَ التَّوبةِ مَفتوحٌ للعِبادِ إلى قيامِ السَّاعةِ.