باب عتق المشرك

بطاقات دعوية

باب عتق المشرك

عن عروة أن حكيم بن حزام رضي الله عنه أعتق في الجاهلية مائة رقبة، وحمل على مائة بعير، فلما أسلم؛ حمل على مائة بعير، وأعتق مائة رقبة، قال: فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: يا رسول الله! أرأيت أشياء كنت أصنعها في الجاهلية، كنت أتحنث بها [من صدقة، أو عتاقة، وصلة رحم 2/ 119]-يعني أتبرر بها (6) -[فهل [لي] فيها من أجر؟] قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"أسلمت على ماسلف لك من خير"

لقدْ تَفضَّلَ اللهُ سُبحانَه على عِبادِه بما شاءَ مِن الأجرِ والثَّوابِ؛ فهو سُبحانَه ذو الفَضلِ العَظيمِ.
وفي هذا الحَديثِ يَروي حَكيمُ بنُ حِزامٍ رَضيَ الله عنه أنَّه سَألَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن حُكمِ أشياءَ كانَ يَتعبَّد بها في الجاهليَّة قبْلَ الإسلامِ؛ مِن صَدَقةٍ أو عَتاقةِ عَبيدٍ وصِلةِ رَحِمٍ: هل له فيها مِن أجْرٍ؟ فأجابَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أسْلَمتَ على قَبولِ ما سَلفَ وما سبَق لكَ مِن عمَلِ خَيرٍ؛ فبيَّنَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ الكافرَ إذا أسلَم وماتَ على إسلامِه، وكان قبْلَ إسلامِه يَعمَلُ بعضَ الصالحاتِ وبعضَ الخَيرِ، كمَنْ يَتصدَّقُ ويَعتِقُ العَبيدَ ويَصِلُ الرَّحِمَ والأقاربَ، فإنَّه يُثابُ على ما فعَله مِن الخَيرِ في حالِ الكُفرِ، كما ثبَت أنَّه يُمحَى عنه كلُّ سَيِّئةٍ كان عَمِلَها، فيَرجِعُ كما ولَدَتْه أُمُّه خاليًا مِن الذُّنوبِ والسَّيِّئاتِ.
وهذا هو ظاهِرُ معنى قولِه: «أسْلَمْتَ علَى ما سَلَفَ مِن خَيْرٍ»: أنَّ الكافرُ إذا أسلَمَ ومات على الإسلامِ فإنَّه يُثابُ على ما فعَلَ مِن الخَيرِ في حالِ الكفرِ. وقيل: إنَّ معناه يَحتمِلُ عِدَّةَ وُجوهٍ أُخرَى؛ منها: أنَّك اكتسَبْتَ طِباعًا جميلةً وأنت تَنتفِعُ بتلك الطِّباعِ في الإسلامِ، وتكونُ تلك العادةُ تمهيدًا لك ومَعونةً على فِعلِ الخَيرِ والطَّاعاتِ. ومنها: أنَّه لا يَبعُدُ أن يُزادَ في حسَناتِه الَّتي يَفعَلُها في الإسلامِ ويَكثُرَ أجْرُه لِما تقَدَّمَ له مِن الأفعالِ الجَميلةِ؛ فالكافرِ إذا كان يَفعَلُ الخَيرَ فإنَّه يُخفَّفُ عنه به، فلا يبعدُ أنْ يُزادَ لهذا في الأجورِ.
وفي الحديث: إشارةٌ إلى أنَّ حَسناتِ الكافِرِ إذا أسْلَمَ وخُتِمَ له بالإسلامِ تُحتَسبُ له في الآخِرةِ، فإنْ ماتَ على كُفرِه كانتْ هدرًا.