باب: عدة المتوفى عنها زوجها 1

سنن النسائي

باب: عدة المتوفى عنها زوجها 1

أخبرنا هناد بن السري، عن وكيع، عن شعبة، قال: حدثني حميد بن نافع، عن زينب بنت أم سلمة، قالت أم حبيبة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت فوق ثلاثة أيام، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا»

حَرَص الإسلامُ على سَلامةِ المرأةِ وحِفْظِها مِن كلِّ سُوءٍ؛ لأنَّها مَخلوقٌ ضعيفٌ، ومرغوبٌ فيها؛ ولذلك شرَع ما يَحفَظُها، وأوجَبَ على المجتمَعِ المسلمِ أن يَرعَى حُقوقَها، وهي كذلك يجبُ أن تُحافِظَ على ما أعطاه الإسلامُ لها ولا تُهدِرَه
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "لا يحلُّ لامرأةٍ تُؤمِنُ بالله واليوم الآخر" أي: يَحْرُمُ على المرأةِ المؤمنةِ والمسلِمةِ، "أن تُسافِرَ سفرًا فوقَ ثلاثةِ أيامٍ فصاعِدًا، إلَّا ومَعَها أبوها، أو أخوها، أو زوجُها، أو ابنُها، أو ذو مَحْرَمٍ منها"، أي: يَحرُمُ أن تَبتَدِئَ سفَرًا معلومَ المدَّةِ أو المسافةِ، وتستغرقَ فيه ثلاثةَ أيامٍ أو أكثر- إلَّا ويكونُ معَها أحدُ مَحارمِها، مِن المذكورِين أو غيرِهم، والمَحْرَمُ: هو مَن لا يجوزُ للمَرأةِ أن تتزوَّجَه؛ كالأبِ، والابنِ، والأخِ، والعمِّ بالتَّأبيدِ؛ فلا يَدخُلُ في المَحْرَمِ زوجُ الأختِ ولا زوجُ العمَّةِ ولا الخالةِ، ونحوُهم ممَّن يَحِلُّ لهم الزَّواجُ منها لو فارَقَ زَوجتَه، ووجودُ الزَّوجِ أو المَحرمِ معها ليس لدَفْعِ الاعتداءِ عنها إن حدَث فقَط، وإنَّما أيضًا لدَفْع الرِّيبةِ والشَّكِّ عنها
وقد ثبَت أيضًا في صَحيحِ البُخاريِّ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "لا يَحِلُّ لامرَأةٍ تُؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ أن تُسافِرَ مسيرةَ يومٍ وليلةٍ ليس معها حُرْمةٌ"؛ فقيل: إنَّ اختِلافَ المدَّة هو لاختلافِ السَّائِلين، واختلافِ مَواطنِهم، وليس في النَّهيِ عن الثَّلاثةِ تصريحٌ بإباحةِ اليومِ واللَّيلةِ، وليس في هذا كلِّه تحديدٌ لأقلِّ ما يقَعُ عليه اسمُ السَّفرِ، ولم يَرِدْ عنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تحديدُ أقلِّ ما يُسمَّى سفرًا؛ فالحاصلُ: أنَّ كلَّ ما يُسمَّى سفرًا تُنهَى عنه المرأةُ بغيرِ زوجٍ أو مَحْرمٍ، سواءٌ كان ثلاثةَ أيامٍ أو يومَينِ أو يومًا أو بَرِيدًا أو غيرَ ذلك، والبَرِيدُ: هو مَسيرةُ نِصْفِ اليومِ
وفي الحديثِ: النَّهيُ عن سَفرِ المرأةِ ثلاثةَ أيَّامٍ أو أكثرَ بغيرِ مَحرمٍ معَها
وفيه: حفظُ الإسلامِ لعِفَّةِ المرأةِ، وصِيانتُها عن كلِّ ما يُؤذيها، أو يُعرِّضُها للسُّوءِ أو الرِّيبةِ