باب غزوة ذات الرقاع، وهي غزوة محارب1

بطاقات دعوية

باب غزوة ذات الرقاع، وهي غزوة محارب1

 عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بأصحابه في الخوف في غزوة السابعة: غزوة ذات الرقاع (*).

لم يَجعَلِ اللهُ للمُسلِمِ عُذرًا في تَرْكِ الصَّلاةِ حتَّى في الحَربِ؛ فشرَعَ صَلاةَ الخَوفِ إذا حان وَقتُ الصَّلاةِ والمُسلِمونَ مُتعرِّضونَ لقِتالِ العَدوِّ.
وهذه عِدَّةُ أحاديثَ أخبَرَ فيها بعضُ الصَّحابةِ عن غَزْوتينِ صَلَّى فيهما النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صَلاةَ الخَوفِ.
فالغَزوةُ الأُولى: غَزوةُ ذاتِ الرِّقاعِ؛ فأخبَرَ جابِرُ بنُ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صلَّى بأصْحابِه في حالةِ الخَوفِ في غَزْوةِ السَّفْرةِ السَّابِعةِ، ثمَّ فسَّرَها بغَزْوةِ ذاتِ الرِّقاعِ، وفي روايةٍ أُخرى عنه: «يَومَ مُحَارِبٍ وثَعْلَبَةَ»، وكانت في السَّنةِ الرَّابِعةِ مِن الهِجْرةِ، خرَجَ فيها رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى نَجْدٍ، يُريدُ بَني مُحاربٍ وبَني ثَعْلَبةَ بنِ سَعدِ بنِ غَطَفانَ، وسُمِّيَت بذلك الاسمِ؛ لِمَا أصابَهم في أقْدامِهم مِن تَشقُّقاتٍ، فلَفُّوا عليها خِرَقَ القُماشِ. وفي رِوايةٍ أُخرى عن جابرٍ رَضيَ اللهُ عنه: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خرَجَ إلى ذاتِ الرِّقاعِ مِن نَخلٍ، فلَقيَ جَمعًا مِن قَبيلةِ غَطَفانَ، فتَقارَبَ الناسُ ولم يكُنْ بيْنهم قِتالٌ، وإنَّما أخافَ النَّاسُ بَعضُهم بَعضًا، فصلَّى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَكعَتَيْ خَوفٍ بالمسلمينَ الذين معه.
والغَزوةُ الثَّانيةُ هي غَزوةُ ذي قَرَدٍ؛ فأخبَرَ ابنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صلَّى صَلاةَ الخَوفِ بِذي قَرَدٍ، وهو جبَلٌ أسوَدُ بأعْلى وادي «النُّقُمي» شَمالَ شَرقِيِّ المَدينةِ، وكانت هذه الغَزْوةُ بعْدَ الأحْزابِ وقبْلَ خَيْبرَ، وكانت في السَّنةِ السَّادسةِ مِن الهِجْرةِ، وسَبَبُها أنَّ نَفرًا مِن قَبيلةِ غَطَفانَ أغاروا على إبِلِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهي تَرْعى في مِنطَقةِ الغابةِ، وهي مَوضِعٌ منَ المَدينةِ على طَريقِ الشَّامِ، وقدْ علِم بذلك الصَّحابيُّ سَلَمةُ بنُ الأكْوَعِ رَضيَ اللهُ عنه، فصاح بالمُسلِمينَ في المَدينةِ مُعلِمًا إيَّاهم ما حدَث، وطارَدَ المُشرِكينَ مُنفَرِدًا، حتَّى لحِقَ به رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، واسْتَعادوا الإبِلَ.
وفي رِوايةٍ أخبَرَ سَلَمةُ بنُ الأكْوَعِ أنَّه غَزا مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَ القَرَدِ.
وقدْ ورَدَ في كَيفيَّةِ صَلاةِ الخَوفِ صِفاتٌ كَثيرةٌ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فيها، وقد صَلَّاها في أيَّامٍ مُختَلِفةٍ بأشْكالٍ مُتَبايِنةٍ، يَتَحرَّى فيها الأحْوَطَ للصَّلاةِ، والأبلَغَ للحِراسةِ؛ فهي على اختِلافِ صوَرِها مُتَّفِقةُ المَعنى.
وفي الحَديثِ: الحِرصُ على أداءِ الصَّلَواتِ حتَّى في أوْقاتِ الحَربِ، وبَيانُ أهمِّيَّةِ صَلاةِ الجَماعةِ؛ إذ شُرِعَتْ في حالةِ الخَوفِ؛ فالأَوْلى بالآمِنِ المُطمَئنِّ الحِرصُ عليها.
وفيه: أخْذُ الحَذَرِ منَ العَدوِّ في وَقتِ المَعرَكةِ بكلِّ الوَسائلِ.
وفيه: أنَّ الدِّينَ يَأمُرُ بالعِباداتِ الَّتي تَحفَظُ العَبدَ أمامَ اللهِ في الآخِرةِ، ويَأمُرُ بالأخْذِ بالأسْبابِ الَّتي تَحفَظُ العَبدَ في الدُّنْيا.
وفيه: يُسرُ الشَّريعةِ على المُكلَّفينَ في أداءِ الصَّلاةِ.