باب فضل البكاء من خشية الله تعالى و شوقاً إليه 5

بطاقات دعوية

باب فضل البكاء من خشية الله تعالى و شوقاً إليه 5

 قال أبو بكر لعمر ، رضي الله عنهما ، بعد وفاة
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : انطلق بنا إلى أم أيمن رضي الله عنها نزورها ، كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزورها ، فلما انتهيا إليها بكت ، فقالا لها : ما يبكيك ؟ أما تعلمين أن ما عند الله تعالى خير لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ! قالت : ما أبكي أن لا أكون أعلم أن ما عند الله خير لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولكني أبكي أن الوحي قد انقطع من السماء ؛ فهيجتهما على البكاء ، فجعلا يبكيان معها . رواه مسلم ، وقد سبق في باب زيارة أهل الخير .

كان النبي صلى الله عليه وسلم يكرم حاضنته ومربيته أم أيمن رضي الله عنها، ويبرها مبرة الأم، ويكثر من زيارتها، وكان صلى الله عليه وسلم عندها كالولد، وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم أكرمها الخلفاء الراشدون والصحابة الكرام، وحفظوا لها قدرها ومكانتها
وفي هذا الحديث يروي أنس بن مالك رضي الله عنه أن أبا بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما ذهبا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أم أيمن، وهي أم أسامة بن زيد رضي الله عنها، يزورانها كما كان صلى الله عليه وسلم يزورها، فلما وصلا إليها ورأتهما بكت، فسألاها: ما يبكيك؟ أما تعلمين أن ما عند الله خير لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وذلك أن الآخرة هي دار البقاء، وقد ظنا أن بكاءها أسف على موت الرسول صلى الله عليه وسلم وحزن على فراقه، فأجابت أنها ما تبكي أسفا وحزنا على فراقه صلى الله عليه وسلم؛ فهي تعلم أنه فارقهم إلى ما هو خير له، ولكن سبب البكاء هو أن الوحي قد انقطع من السماء، تعني: أن الوحي لما انقطع بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم عمل الناس بآرائهم، فاختلفت مذاهبهم، فوقع التنازع والفتن، وعظمت المصائب والمحن، فلما سمع أبو بكر وعمر ذلك منها «هيجتهما»، أي: حملتهما على البكاء، فجعلا يبكيان معها؛ لتداركهما خطورة انقطاع الوحي من السماء
وفي الحديث: زيارة الصالح لمن هو دونه
وفيه: زيارة الإنسان لمن كان صديقه يزوره من باب حسن العهد وحفظ الود
وفيه: البكاء حزنا على فقد العلم
وفيه: البكاء لانقطاع الوحي النازل من السماء
وفيه: أن الإنسان قد يهيج له البكاء ببكاء أخيه، ولا يكون ذلك ناقصا من إخلاصه
وفيه: استصحاب الرجل لصاحبه في الزيارة، والعيادة، ونحوهما