باب فضل الجهاد في سبيل الله2
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب، قالا: حدثنا عبيد الله ابن موسى، عن شيبان، عن فراس، عن عطية
عن أبي سعيد الخدري، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "المجاهد في سبيل الله مضمون على الله، إما أن يكفته إلى مغفرته ورحمته، وإما أن يرجعه بأجر وغنيمة. ومثل المجاهد في سبيل الله، كمثل الصائم القائم الذي لا يفتر، حتى يرجع"
الإخلاصُ شَرطُ قَبولِ العملِ، وقد يكونُ العملُ وَبالًا على صاحبِه إذا لم يُخلِصِ النِّيَّةَ للهِ سُبحانه وتعالَى، كما أنَّه يكونُ فَوزًا ونَعيمًا إذا أخْلَصَ النِّيَّةَ.
وفي هذا الحديثِ ذَكَر النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وَعْدَ اللهِ تعالَى للمُجاهِدِ الذي يَخرُجُ للقِتالِ في سَبيلِ اللهِ، وهو مُخلِصٌ نيَّتَه للهِ، «واللهُ أعلَمُ بِمَن يُجاهِدُ في سَبيلِه»، أي: إنَّ اللهَ تعالَى أعلَمُ بالنِّيَّاتِ، وأعلَمُ بِمَن خَرَج لتَكونَ كَلمةُ اللهِ هي العُلْيا ممَّن خَرَج ليُحصِّلَ مَتاعَ الدُّنيا، والشُّهرةَ والبُطولةَ؛ فمَن خرَجَ مُخلِصًا للهِ تعالَى فإنَّ أجْرَه مِثلُ أجْرِ الصَّائمِ الذي يَصومُ الفَريضةَ بالنَّهارِ، وهو مع صَومِه نَهارًا قائمٌ يُصلِّي لَيْلَه بخُضوعٍ وإخلاصٍ للهِ تعالَى، فجَمَعَ بذلك بيْن أجْرِ العِبادتينِ بفَضْلِ اللهِ، ومَثَّلَه بالصَّائمِ؛ لأنَّ الصَّائمَ مُمسِكٌ لنفْسِه عن الأكْلِ والشُّربِ واللَّذَّاتِ، وكذلك المجاهدُ مُمسِكٌ لنفْسِه على مُحارَبةِ العدوِّ وحابسٌ نفْسَه على مَن يُقاتِلُه، وكما أنَّ الصَّائمَ القائمَ الَّذي لا يَفتُرُ ساعةً مِن العبادةِ، كذلك المجاهدُ لا يُضيِّعُ ساعةً مِن ساعاتِه بغَيرِ أجْرٍ.
وبيَّن النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ اللهَ سُبحانه قدْ تَكفَّل ووَعَد مَن خَرَج مُجاهِدًا بإحدى الحُسنيَيْنِ؛ إمَّا أنْ يَتوفَّاه شَهيدًا فيُدخِلَه الجنَّةَ، أو يُرجِعَه سالِمًا مَأجورًا بجِهادِه أعداءَ اللهِ، سَواءٌ رَجَع بلا غَنيمةٍ، فيكونُ له الأجرُ وحْدَه، أو رجَعَ بالغنيمةِ، فيكونُ له الأجرُ مع الغَنيمةِ.
وفي الحديثِ: بَيانُ فضْلِ اللهِ على المجاهِدين.