باب فضل الصدقة 3

سنن ابن ماجه

باب فضل الصدقة 3

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد، قالا: حدثنا وكيع، عن ابن عون، عن حفصة بنت سيرين، عن الرباب أم الرائح بنت صليع
عن سلمان بن عامر الضبي، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي القرابة اثنتان: صدقة وصلة" (2).

حَثَّ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على التَّكافُلِ بين المُسلمينَ، كما حَثَّ على صِلَةِ الأرحامِ، وإذا اجتمَعَتْ صِلةُ الرَّحِمِ مع الصَّدقةِ فذلك خيرٌ.
وفي هذا الحديثِ يُحدِّث سَلمانُ بنُ عامرٍ الضَّبِّيُّ، قال: قال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "الصَّدقةُ على المسكينِ صَدقةٌ"، أي: لها أجْرُ التَّصدُّقِ عليه، "وهي على ذِي الرَّحمِ اثنتانِ: صَدقةٌ وصِلةٌ"، أي: لها أجْرُ صِلَةِ الرَّحمِ وأجْرُ التَّصدُّقِ عليه، والمقصودُ بـ(ذي الرَّحمِ) الأقاربُ الفُقراءُ، ذُكورًا وإناثًا، أمَّا الأغنياءُ منهم فصِلتُهم تكونُ بالهُدايا والتَّزاورِ وبَشاشةِ الوجهِ والنُّصحِ للجَميعِ، وإطلاقُ لفظِ (الصَّدقةِ) يشمَلُ الفرْضَ مِن الزَّكاةِ لِمَن لا تجِبُ عليه النَّفقةُ، والمُستحبَّ من مُطلقِ الصَّدقاتِ، كما قال تعالى في الصَّدقاتِ وإيتاءِ الأموالِ: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى} [البقرة: 177]، أي: القرابةِ، واليَتامى المحاويجَ منهما، ولم يُقيِّدْ لعدَمِ الإلباسِ؛ لأنَّ إيتاءَ الأغنياءِ هِبةٌ لا صَدقةٌ، وقدَّمَ ذوي القُربى؛ لأنَّ إيتاءَهم أفضَلُ؛ لأنَّها صَدقةٌ وصِلةٌ.
وقيل: هذا إذا لم يَقْتضِ الحالُ العَكسَ؛ بأنْ يكونَ غيرُ القريبِ أشدَّ حاجةً، وتضرُّرًا مِن القريبِ، فيكونُ التَّصدُّقُ عليه أَولى.
وفي الحديثِ: الحثُّ على الاستكثارِ مِن الخيرِ بين الأقاربِ بكلِّ أوجُهِ الخيرِ.
وفيه: الحثُّ على الاهتمامِ بذوي الأرحامِ، وأنَّ التَّصدُّقَ عليهم أفضلُ مِن التَّصدُّقِ على غيرِهم .