باب من أوسط ما تطعمون أهليكم

سنن ابن ماجه

باب من أوسط ما تطعمون أهليكم

 حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا سفيان بن عيينة، عن سليمان بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبيرعن ابن عباس، قال: كان الرجل يقوت أهله قوتا فيه سعة، وكان الرجل يقوت أهله قوتا فيه شدة، فنزلت: {من أوسط ما تطعمون أهليكم} [المائدة: 89] (1).

جاء الشَّرعُ بالتَّيسيرِ على النَّاسِ مع مُراعاةِ المَصالحِ، ومن ذلك: جَعْلُ الكَفَّارةِ في الأَيمانِ على أوجُهٍ مُتعدِّدةٍ، كلٌّ بحسَبِ حالِه ومَقدِرَتِه.
وفي هذا الحديثِ بيانٌ لكفَّارةِ الإطعامِ، حيث يُخبِرُ ابنُ عبَّاسٍ أنَّه "كان الرَّجلُ يَقُوتُ أهْلَه قُوتًا فيه سَعَةٌ"، أي: يُطعِمُ أهلَه طعامًا جيِّدًا؛ لغِناهُ وسَعةِ مالِه، "وكان الرَّجلُ يَقوتُ أهلَه قوتًا فيه شِدَّةٌ"، أي: يُطعِمُهم طَعامًا دُونًا رَديئًا؛ لِفَقرٍ أو بُخلٍ، "فنزَلَت"، أي: قولُه تعالى: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: 89]، وهذا جزءٌ مِن آيةِ كَفَّارةِ اليَمينِ التي يقولُ اللهُ تعالى فيها: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: 89]؛ فكفَّارةُ اليَمينِ المُنعقدِةِ على التخييرِ في ثلاثةِ أمورٍ، وهي الإطعامُ والكسوةُ أو تحريرُ رقبةٍ، فإذا اختارَ الإطعامَ؛ فإنَّه يَكونُ مِن المتوسِّطِ ممَّا تَعتادون إطعامَ أهليكم منه، ولا يجبُ عليكم أنْ تُطعموهم مِن أعلاه، ولا يَجوزُ لكم أن تُطعموهم مِن أدناه، فيُعطيها عَشرةَ مَساكينَ، ولو جمَع عَشرةَ مساكينَ وغدَّاهم أو عشَّاهم كفاهُ؛ فمَن لم يجِدْ شيئًا من هذه الثَّلاثِ، صامَ ثلاثةَ أيَّام.