‌‌باب فضل خديجة رضي الله عنها4

سنن الترمذى

‌‌باب فضل خديجة رضي الله عنها4

حدثنا أبو بكر بن زنجويه قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " حسبك من نساء العالمين: مريم ابنة عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد وآسية امرأة فرعون ": «هذا حديث صحيح»

كرَّمَ اللهُ عِبادَه المُؤمِنين في كلِّ زمانٍ ومكانٍ، رِجالًا ونِساءً، وقد بيَّنَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم النِّساءَ الكوامِلَ؛ تَنويهًا بهنَّ، وحثًّا على الاقتداءِ بِهنَّ.
وفي هذا الحديثِ يَحكي أنسُ بنُ مالكٍ رضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "حسْبُك من نِساءِ العالَمِين"، أي: يَكْفيك من النِّساءِ الواصلةِ إلى مَراتبِ الكمالِ في الاقتِداءِ بهنَّ، وذكْرِ مَحاسِنِهنَّ ومَناقبِهنَّ، وزُهدِهنَّ في الدُّنيا وإقبالِهنَّ على العُقبى، فتَكْفيك مَعرِفَتُك بفضْلِهنَّ عن مَعرفةِ سائرِ النِّساءِ، وهنَّ: "مريمُ بنتُ عمْرانَ" أُمُّ نَبِيِّ اللهِ عيسى عليه السَّلامُ، الصِّدِّيقَةُ الصَّابرةُ على ما ابْتلَاهَا اللهُ به مِنَ الآياتِ بالحَملِ بالمسيحِ دُونَ زوجٍ، معَ تحمُّلِها افتِراءَ بني إسْرائِيَل وإيذاءَهم، وقد قال الله عنها: {وَمَرَيْمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} [التحريم:12]، "وخَديجةُ بنتُ خُويلدٍ" زوجُ النَّبيِّ محمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأوَّلُ مَن آمنَتْ برسالَتِه وصَدَّقَتْه، وكانتْ له خَيْرَ مُعينٍ وخَيْرَ سَندٍ، وآوَتْه ومَنَعتْه مِن المشركِينَ بِنَفْسِها وحسَبِها ومالِها.
"وفاطمةُ بنتُ محمَّدٍ" رَسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، وأُمُّ سِبطَيْهِ، وهِي بَضْعةٌ وقِطعةٌ من أَبِيهَا، ولها شَرفُ الأصْلِ مِنَ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ومِن خديجةَ رضِيَ اللهُ عنها، وزَوجُها أميرُ المؤمنِينَ عليُّ بنُ أبي طالِبٍ رضِيَ اللهُ عنه. "وآسيةُ امرأةُ فِرعونَ"، وقد عُرِّفَت بزوجِها لا بأبيها؛ لأنَّ اللهَ عرَّفَها به في القُرآنِ، وقدْ آمنَتْ بِرسالةِ موسَى عليه السَّلامُ مُؤثِرةً مَا عند اللهِ، كما قال الله عنها: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [التحريم: 11].