باب ما جاء في كم تقصر الصلاة2

سنن الترمذى

باب ما جاء في كم تقصر الصلاة2

حدثنا هناد قال: حدثنا أبو معاوية، عن عاصم الأحول، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: «سافر رسول الله صلى الله عليه وسلم سفرا، فصلى تسعة عشر يوما ركعتين ركعتين»، قال ابن عباس: «فنحن نصلي فيما بيننا وبين تسع عشرة ركعتين ركعتين، فإذا أقمنا أكثر من ذلك صلينا أربعا»: «هذا حديث غريب حسن صحيح»
‌‌

الإسلامُ دينَ الحنيفيَّةِ السَّمحةِ، وقد حَرَص على كلِّ ما يُسهِّلُ على النَّاسِ ويُيسِّرُ لهم أمورَ دُنْياهم، ومِن جُملةِ هذا التَّيسيرِ الرُّخَصُ التي جاءَتْ كمِنْحةٍ ربَّانيَّةٍ مِن اللهِ عزَّ وجلَّ لِتَسهيلِ أداءِ ما افتَرض اللهُ على عِبادِه مِن الواجباتِ والفرائضِ.
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ ابنُ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنهما: "سافَر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم سَفرًا"، أي: في أحَدِ أسفارِه، وهو هنا فتحُ مكَّةَ، "فصلَّى تِسعةَ عشَرَ يومًا رَكعَتَين ركعتَين"، أي: يَقصُرُ في تلك المدَّةِ الصَّلاةَ، فيُصلِّي الرُّباعيَّةَ رَكعتَينِ، قال ابنُ عبَّاسٍ: "فنحن نُصلِّي فيما بينَنا وبينَ تِسعَ عشرةَ ركعتَينِ ركعتَين، فإذا أقَمْنا أكثرَ مِن ذلك صَلَّينا أربعًا"، أي: إنْ سافَرْنا إلى مكانٍ نَقصُرُ تِسعةَ عشَرَ يومًا ثمَّ نُتِمُّ الصَّلاةَ، إنْ زِدْنا في مُدَّةِ المُكْثِ في البلَدِ المسافَرِ إليه، وهذا رأيُ ابنِ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنهما في مُدَّةِ القصرِ، ولكن ثبت أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أقامَ بمكَّةَ أكثَرَ مِن ذلك، فقَصَر الصَّلاةَ، وقيل: أقام أقلَّ مِن ذلك وقَصَر أيضًا.