باب فضل يوم الجمعة وليلة الجمعة
حدثنا هارون بن عبد الله، حدثنا حسين بن علي، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن أوس بن أوس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا علي من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة علي» قال: قالوا: يا رسول الله، وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت - يقولون: بليت -؟ فقال: «إن الله عز وجل حرم على الأرض أجساد الأنبياء»
جعل الله تعالى يوم الجمعة من أفضل الأيام عند المسلمين، كما يقول النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: "إن من أفضل أيامكم"، أي: من أيام أسبوعكم "يوم الجمعة، فيه"، أي: في ذلك اليوم "خلق آدم"، وآدم عليه السلام هو أول خلق الله من البشر، وهو الذي باهى الله بخلقته ملائكته، "وفيه قبض"، أي: وفي يوم الجمعة كان موت أبي البشر. "وفيه النفخة"، أي: وفي ذلك اليوم يكون النفخ والصعق مبدأ قيام الساعة وأهوال يوم القيامة؛ يقول الله تعالى: {ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله} [الزمر: 68]؛ فهما متلازمان، فإذا نفخ في الصور (وهو شيء كالقرن ينفخ فيه يوم القيامة) تبعه على الفور الصعق (وهو موت الناس من شدة الفزع للصوت)
وهذه القضايا المعدودة في هذا اليوم؛ قيل: لم تذكر لبيان فضيلتها؛ لأن ما وقع فيه من موت آدم وما يقع من نفخ وصعق لا يعد من الفضائل، وإنما هو تعظيم لما وقع فيه؛ فذكرت تنويها بعظمة الأحداث التي وقعت فيه. وقيل: بل هي من الفضائل؛ حيث إن خروج آدم من الجنة كان سبب وجود الذرية، وسبب وجود الرسل والأنبياء والصالحين، وقيام الساعة سبب لتعجيل جزاء الأنبياء والصديقين والصالحين وإظهار كرامتهم وشرفهم
ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فأكثروا علي من الصلاة فيه"، أي: اشغلوا أنفسكم في يوم الجمعة بكثرة الصلاة علي؛ حتى تنالوا الأجر والثواب؛ "فإن صلاتكم"، أي: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم، "معروضة علي"، أي: سيعرضها الله علي وسأعلم بها، فقال الصحابة رضي الله عنهم: "يا رسول الله، وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟"، أي: بليت وفني جسدك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل حرم على الأرض"، أي: منعها أن تبلي "أجساد الأنبياء"، أي: وهم في قبورهم