باب فى أرزاق الذرية

باب فى أرزاق الذرية

 حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن عدى بن ثابت عن أبى حازم عن أبى هريرة قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « من ترك مالا فلورثته ومن ترك كلا فإلينا ».

بعث النبي صلى الله عليه وسلم ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، فكان رحمة مهداة للعالمين، يحنو على الكبير، ويرحم الصغير، ويواسي الكسير، يشعر بمن حوله، ويهتم بهم اهتماما بالغا
وفي هذا الحديث يبين صلى الله عليه وسلم أنه ما من مؤمن إلا والنبي صلى الله عليه وسلم أولى -أي: أحق- الناس به في كل شيء من أمور الدنيا والآخرة، وأكد كلامه بقول الله تعالى: {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم} [الأحزاب: 6]؛ فهو أرأف الخلق بهم، وأنفسهم تدعوهم إلى الهلاك، وهو صلى الله عليه وسلم يدعوهم إلى النجاة. ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ما له من حقوق على المؤمنين تجاه هذه الولاية؛ فإنه يجب عليهم إيثار طاعته على شهوات أنفسهم وإن شق ذلك عليهم، وأن يحبوه أكثر من محبتهم لأنفسهم؛ ففي الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين»
وأخبر صلى الله عليه وسلم: أن من مات من المسلمين وله مال، فإن ورثته وعصبته -أي: أقاربه الوارثين- أولى بهذا المال يأخذونه ميراثا، ومن كان عليه دين أو ترك ضياعا -وهم الأولاد الصغار والزوجة ومن لا يستطيع القيام بأمر نفسه- فإن النبي صلى الله عليه وسلم أولى الناس به؛ يسد دينه، ويعول من ترك من أولاده ونسائه
وقد كان صلى الله عليه وسلم لا يصلي في أول الأمر على من مات من المسلمين وعليه دين، إلا أن يقضيه عنه أحد، أو يكون قد ترك ما يقضي هذا الدين؛ لأن الدين من حقوق العباد التي يجب الوفاء بها، ولم يكن ترك الصلاة على المدين واجبا عليه صلى الله عليه وسلم، وإنما تركه ليحرض الناس على سداد ديونهم؛ حتى لا تفوتهم صلاته صلى الله عليه وسلم، فلما فتح الله تعالى على المسلمين الفتوح وكثر المال، واستقر تعظيم أمر الدين في نفوسهم؛ كان صلى الله عليه وسلم يقضي دين من مات ولم يترك ما يسد دينه. فاللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، واجزه عنا خير الجزاء، إنك أنت الغفور الرحيم