باب فى إيكاء الآنية

باب فى إيكاء الآنية

حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا يحيى عن ابن جريج أخبرنى عطاء عن جابر عن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال « أغلق بابك واذكر اسم الله فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا وأطف مصباحك واذكر اسم الله وخمر إناءك ولو بعود تعرضه عليه واذكر اسم الله وأوك سقاءك واذكر اسم الله ».

علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته كيف يتجنبون أذى الشيطان، وما يضرهم في دنياهم وآخرتهم، فجاءت النصائح النبوية لتكون بمنزلة قوانين السلامة للمحافظة على مصالح المسلمين، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث؛ فقال: «إذا كان جنح الليل أو» قال: «أمسيتم» -شك أحد رواة الحديث- أي: إذا دخلتم في المساء، وجنح الليل: أول ظلامه، «فكفوا صبيانكم» فامنعوهم من الانتشار ومن الخروج من البيوت في ذلك الوقت؛ لأن هذا وقت انتشار الشياطين، تذهب وتجيء من بداية مغيب الشمس إلى ذهاب ساعة من الليل، فإذا ذهبت ساعة من الليل، فاتركوهم، وليس المقصود من الساعة الساعة المعهودة الآن التي تساوي ستين دقيقة، بل المراد جزء من الوقت، وقد خشي النبي صلى الله عليه وسلم على الصبيان عند انتشار الجن والشياطين أن تلم بهم فتصرعهم؛ فإن الشيطان قد أعطاه الله قوة على هذا، وقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن التعرض للفتن مما لا ينبغي، والاحتراس منها أحزم، على أن ذلك الاحتراس لا يرد قدرا، ولكن لتبلغ النفس عذرها
والحكمة في انتشارهم حينئذ أن حركتهم في الليل أمكن منها لهم في النهار؛ لأن الظلام أجمع للقوى الشيطانية من غيره، وكذلك كل سواد، ويقال: إن الشياطين تستعين بالظلمة، وتكره النور
وكذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإغلاق الأبواب، وذكر اسم الله عند إغلاقها؛ لأن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا؛ فإن الله لم يعطه القوة على ذلك، وإن كان أعطاه القدرة والقوة على غير ذلك من الأمور، وأمر أيضا بإيكاء القرب، وهو شد رؤوسها بالرباط، وأمر بتخمير الآنية، وهو تغطيتها ولو بوضع عود أو عصا على عرضها، مع ذكر الله عند فعل هذه الأشياء، وأمر بإطفاء المصابيح مع ذكر الله عند إطفائها؛ لأن المصابيح كانت تضاء بالنار، وكانت الفأرة تنزع الفتيل وتجره فتتسبب في إضرام النيران
والمقصود ذكر اسم الله تعالى مع كل فعل؛ صيانة عن الشيطان والوباء والحشرات والهوام، على ما ورد عند البخاري في الأدب المفرد: «من قال صباح كل يوم ومساء كل ليلة ثلاثا ثلاثا: باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم؛ لم يضره شيء»، فذكر الله هو الحصن الحصين من الشياطين
والحديث يدل على أن الشيطان إنما يتسلط على المفرط لا على المتحرز
وفي الحديث: أخذ الحيطة والحذر من كل ما يضر