باب فى الأوعية

باب فى الأوعية

حدثنا وهب بن بقية عن خالد عن عوف عن أبى القموص زيد بن على حدثنى رجل كان من الوفد الذين وفدوا إلى النبى -صلى الله عليه وسلم- من عبد القيس يحسب عوف أن اسمه قيس بن النعمان فقال « لا تشربوا فى نقير ولا مزفت ولا دباء ولا حنتم واشربوا فى الجلد الموكإ ع

ليه فإن اشتد فاكسروه بالماء فإن أعياكم فأهريقوه ».

لما كانت المسكرات تذهب العقل الذي هو مناط تكليف بني آدم، كانت حرمة المسكرات من أشد الحرمات التي حذر منها الإسلام، وفي هذا الحديث يحذر النبي صلى الله عليه وسلم من تناول المسكرات تحذيرا شديدا، ويخبر أن كل ما يسكر ويذهب العقل فهو خمر، وكل خمر حرام؛ فقال: "لا تشربوا في الدباء" وهو نبات القرع، وكانوا يحفرونه ويستخدمونه كسقاء، ويحتفظون فيه ببعض الأشربة، فتشتد وتصبح خمرا، "ولا في المزفت"، وهو ما طلي بالزفت وهو نوع من القار، ويقال له: المقير، وهو نبت يحرق إذا يبس، تطلى به السفن وغيرها، كما تطلى بالزفت، "ولا في النقير"، وهو أصل النخلة، ينقر وسطه ثم ينبذ فيه التمر، ويلقى عليه الماء؛ ليصير نبيذا، "وانتبذوا في الأسقية"، وهي الآنية التي تصنع من الجلد المدبوغ، "قالوا: يا رسول الله، فإن اشتد في الأسقية؟" أي: قرب أن يسكر، "قال: فصبوا عليه الماء"، أي: خففوه؛ حتى لا يسكر، "قالوا: يا رسول الله"، أي: كرروا على النبي صلى الله عليه وسلم السؤال، والتقدير: فإن اشتد في الأسقية بعد تخفيفه بالماء؟ فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم- في الثالثة أو الرابعة-: "أهريقوه"، أي: صبوه وألقوه، ومعنى النهي عن الانتباذ في هذه الأوعية بخصوصها؛ لأنه يسرع إليها الإسكار، فربما شرب منها من لم يشعر بذلك، ثم رخص في الانتباذ في كل وعاء، مع النهي عن شرب كل مسكر؛ كما ورد في صحيح مسلم: "كنت نهيتكم عن الانتباذ إلا في الأسقية، فانتبذوا في كل وعاء، ولا تشربوا مسكرا".
"ثم قال: إن الله حرم علي- أو حرم-: الخمر والميسر"، أي: القمار؛ وهو أن يتغالب اثنان فأكثر على أن يكون بينهم مال يأخذه الغالب، "والكوبة"، أي: النرد. وقيل: الطبل، "قال: وكل مسكر حرام"؛ فالعلة في النهي عن أي شراب هي كونه مسكرا