باب فى الجلسة المكروهة
حدثنا على بن بحر حدثنا عيسى بن يونس حدثنا ابن جريج عن إبراهيم بن ميسرة عن عمرو بن الشريد عن أبيه الشريد بن سويد قال مر بى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا جالس هكذا وقد وضعت يدى اليسرى خلف ظهرى واتكأت على ألية يدى فقال « أتقعد قعدة المغضوب عليهم ».
عَلَّمَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الآدابَ الحَسنةَ للمَجالِسِ والقُعودِ والقِيامِ، وما يَنبَغي على المُسْلمِ الالتِزامُ به ممَّا يُحبُّه اللهُ وَرَسولُه في هذه الأحوالِ، مع البُعدِ عن التَّشبُّهِ بِأحوال الضُّلَّالِ والظَّالمينَ.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ الشَّرِيدُ بْنُ السُّوَيْدِ الثَّقَفِيُّ رضِيَ اللهُ عنه: «مَرَّ بي رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأنا جالِسٌ هكذا، وقد وَضَعْتُ يَدِيَ اليُسْرى خَلْفَ ظَهْري وَاتَّكَأتُ»، أي: اسْتَنَدْتُ «على أَلْيةِ يَدي»، وهي: اللَّحْمةُ الغَليظةُ التي في أصْلِ الإبهامِ، فقال له النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «أَتَقْعُدُ قِعْدةَ المَغْضوبِ عليهم؟!»،
وهذا استِفْهامُ تعجُّبٍ وإنكارٍ من النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَقْعُد على هذه الهَيئةِ التي مِن صِفةِ قُعودِ المغْضوبِ عليهم؛ والمُرادُ بهم: اليَهودُ، أَو يُرادُ بهم المَغْضوبُ عليهم مِن الكُفَّارِ والفُجَّارِ المُتَكَبِّرينَ الْمُتَجَبِّرينَ مِمَّنْ تَظْهَرُ آثارُ العُجْبِ والكِبْرِ عليهم في قُعودِهم ومِشْيِهم، وسببُ كَراهِيَتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: التَّشبُّه بهم؛ فيَنْبَغي على المُسلِم أنْ يَجْتَنِبَ التَّشبُّهَ بمَن غَضِب اللهُ عليه .