باب فى الرجل الذى يشرى نفسه

باب فى الرجل الذى يشرى نفسه

حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد أخبرنا عطاء بن السائب عن مرة الهمدانى عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : « عجب ربنا من رجل غزا فى سبيل الله فانهزم ». يعنى أصحابه : « فعلم ما عليه فرجع حتى أهريق دمه فيقول الله تعالى لملائكته : انظروا إلى عبدى رجع رغبة فيما عندى وشفقة مما عندى حتى أهريق دمه ».

الخوفُ مِن اللهِ تعالى من أعمالِ القُلوب العَظيمةِ التي يَنبَغي على المُسلمِ أنْ يَمتلئَ قلبُه بها، فيخاف من الله في كُلِّ وقتٍ وحِينٍ، فإذا تَمَكَّنَ ذلك من قلبِه لمْ يُقَصِّرْ في طاعةٍ، ولمْ يفعلْ مَعصِيةً
وفي هذا الحديثِ يقولُ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "عَجِبَ رَبُّنا عزَّ وجلَّ من رَجُلٍ"، وصِفةُ العَجَبِ صِفةٌ من صِفاتِ الله عزَّ وجلَّ الفِعليَّة الخَبَرِيَّة الثَّابتةِ له بالكتابِ والسُّنَّة، ويُوصَفُ اللهُ تعالى بها على ما يَليقُ بكَمالِه وجلالِه، دون تَعطيلٍ أو تحريف، ودونَ تَمثيلٍ أو تَكييف. "غَزا في سبيل الله" أي: حاربَ أعداءَ الله، "فانْهَزَم"، أي: غُلِب وهرَب- يعني: أصحابه- "فَعَلِمَ" هذا الرَّجُل، "ما عليه" من حقِّ الله تعالى، ومن حُرْمَةِ الفِرار، "فَرَجَعَ" إلى قِتال الكُفَّار وَحْدَه فقاتَل، "حتَّى أُهْرِيقَ"، أي: أُرِيقَ وصُبَّ دَمُهُ، "فيقول اللهُ تعالى" مُباهِيًا به ملائكتَه: "انظُروا إلى عبْدِي"، أي: نَظَرَ تَعَجُّبٍ؛ "رَجَعَ" إلى قِتال الكُفَّار بعدَما هَرَبَ، "رَغْبَةً فيما عندي" من الأجرِ والثواب، "وشَفَقَةً"، أي: خوفًا، "مِمَّا عندي"، أي: من العَذاب والعِقاب، "حتَّى أُهْرِيقَ دَمُهُ"، أي: أُرِيقَ دَمُهُ وصُبَّ حتَّى قُتِلَ
وفي الحديثِ: فَضْلُ مَنْ باع نَفْسَه لله تعالى
وفيه: أنَّ خوفَ العبدِ ورجاءَه من الله فيه النَّجاةُ