باب فى الرجل يغزو وأبواه كارهان
حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن حبيب بن أبى ثابت عن أبى العباس عن عبد الله بن عمرو قال : جاء رجل إلى النبى -صلى الله عليه وسلم- فقال : يا رسول الله أجاهد قال : « ألك أبوان ». قال : نعم. قال : « ففيهما فجاهد ». قال أبو داود : أبو العباس هذا الشاعر اسمه السائب بن فروخ.
بِرُّ الوالِدَيْنِ والجِهادُ مِن أعظَمِ العِباداتِ والقُرَبِ التي يَنالُ بها العَبدُ رِضا اللهِ تعالَى، وثَوابَه العَظيمَ، ولكِنْ يُقدَّمُ بِرُّ الوالِدَيْنِ على الجِهادِ إذا لم تَكُنِ الحاجةُ ضَروريَّةً عِندَ الفَردِ لِلجِهادِ
وفي هذا الحَديثِ يَروي عَبدُ اللهِ بنُ عَمْرِو بنِ العاصِ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّه جاء رَجُلٌ يَستأذِنُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الخُروجِ لِلجِهادِ، فسَأَلَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «أحَيٌّ والِداكَ؟» فقالَ الرَّجُلُ: نَعَمْ، فقال له صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «ففيهما فجاهِدْ»، فابذُلْ جَهْدَكَ في إرضائِهما وبِرِّهما، يُكتَبْ لكَ أجْرُ الجِهادِ في سَبيلِ اللهِ تعالَى
قيلَ: هذا إنَّما يَكونُ في وَقتِ قُوَّةِ الإسلامِ، وغَلَبةِ أهلِه لِلعَدُوِّ، وإذا كان الجِهادُ مِن فُروضِ الكِفايةِ، فأمَّا إذا قَويَ أهلُ الشِّركِ وضَعُفَ المُسلِمونَ، فالجِهادُ مُتعَيِّنٌ على كُلِّ نَفْسٍ، ولا يَجوزُ التَّخلُّفُ عنه، وإنْ مَنَعَ منه الأبَوانِ
وفي الحَديثِ: الحَثُّ والتَّرغيبُ على بِرِّ الوالِدَيْن
وفيه: أنَّ الجِهادَ في سَبيلِ اللهِ يَدخُلُ فيه أنواعٌ مُتعدِّدةٌ مِنَ الطاعاتِ