باب فى الشرب فى آنية الذهب والفضة
حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن الحكم عن ابن أبى ليلى قال كان حذيفة بالمدائن فاستسقى فأتاه دهقان بإناء من فضة فرماه به وقال إنى لم أرمه به إلا أنى قد نهيته فلم ينته وإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الحرير والديباج وعن الشرب فى آنية الذهب والفضة وقال « هى لهم فى الدنيا ولكم فى الآخرة ».
بين النبي صلى الله عليه وسلم لأمته الحلال والحرام في جميع النواحي؛ ليكونوا على بينة من أمرهم، وامتثل الصحابة الكرام أوامر النبي صلى الله عليه وسلم في الحلال والحرام واشتدوا على من تعمد مخالفتها
وفي هذا الحديث يحكي التابعي عبد الرحمن بن أبي ليلى أنهم كانوا عند الصحابي حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، فطلب ماء ليشربه، وكانت هذه الواقعة حينما كان بالمدائن -وكانت مدينة على نهر دجلة، من ملك فارس- فأحضر له الماء أحد المجوس -وهم عبدة النار- وكان هذا المجوسي زعيم قومه وكبيرهم، كما في رواية في الصحيحين، وكان الماء في إناء من فضة، فلما وضع الإناء الذي فيه الماء في يد حذيفة رضي الله عنه، «رماه به»، أي: رمى المجوسي بالقدح، أو رمى القدح بالشراب، وعلل حذيفة رضي الله عنه ما فعله بأنه نهاه أكثر من مرة عن استعمال آنية الذهب والفضة، لكنه لما لم ينته رماه به تغليظا عليه. وأخبر أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تلبسوا الحرير، ولا الديباج» وهو نوع من الحرير من أفضله وأنفسه، وذلك التحريم خاص بالرجال إن كان لبسه من غير عذر، «ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافها» جمع صحفة، وهي الآنية الكبيرة التي توضع فيها الأطعمة، وعلل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بأنها للكفار في الدنيا، -وليس معناه أنها مباحة لهم، ولكنهم يجترؤون على مخالفة أمر الله فيها لكفرهم- وللمسلمين في الآخرة مكافأة على تركها في الدنيا، ويمنعها أولئك جزاء لهم على معصيتهم باستعمالها
وفي الحديث: تكرار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
وفيه: الشدة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لمن يباح له ذلك من ولاة الأمور ونحوهم
وفيه: فضيلة حذيفة بن اليمان رضي الله عنه بشدته في الحق، والتزامه أمر النبي صلى الله عليه وسلم ونهيه