باب فى القدر
حدثنا مسدد أن يزيد بن زريع ويحيى بن سعيد حدثاهم قالا حدثنا عوف قال حدثنا قسامة بن زهير قال حدثنا أبو موسى الأشعرى قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض جاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك والسهل والحزن والخبيث والطيب ». زاد فى حديث يحيى « وبين ذلك ». والإخبار فى حديث يزيد.
في هذا الحديث يبين النبي صلى الله عليه وسلم كيفية خلق آدم عليه السلام وذريته، فيقول: (إن الله خلق آدم من قبضة قبضها)، أي: كان ابتداء خلق الإنسان من قبضته سبحانه وتعالى، والقبضة: هي ما يضم عليه بالكف، (من جميع الأرض) أي: من جميع أجزائها؛ من طيبها وخبيثها ومختلف ألوانها، كما قال تعالى: {منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى} [طه: 55]
(فجاء بنو آدم على قدر الأرض)، أي: من الأشكال والطباع، فمن أبيضها جاء الأبيض، ومن أسهلها جاء السهل، وهكذا (جاء منهم الأحمر) كالترك، (والأبيض) كالعرب، (والأسود) كالحبش؛ فالكل جاء بحسب تربته، وهذه هي أصول الألوان، والباقي مركب منها، كما قال: (وبين ذلك) أي: وغير هذه الألوان أجزاء منها ومركب منها
وهذا ما كان من الألوان، وأما ما كان من الطباع؛ فمنها: (السهل والحزن) أي: اللين الرفيق، وغليظ الطبع الجافي العنيف، ومنها: (الخبيث والطيب) أي: خبيث الطبع والصفات، تربته سبخة كلها ضر، وطيب السريرة والخصال تربته خصبة كلها نفع، فالكل جاء بطبع أرضه، كما قال تعالى: {والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا} [الأعراف: 58]. (وبين ذلك) أي: ومنها الذي يشتمل على خلط بين ما هو حميد طيب وبين ما هو خبيث وسيئ، أو أن منها ما يغلب خبثه طيبه، ومنها ما يغلب طيبه خبثه