باب فى القدر
حدثنا محمود بن خالد حدثنا الفريابى عن سفيان قال حدثنا علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن ابن يعمر بهذا الحديث يزيد وينقص قال فما الإسلام قال « إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم شهر رمضان والاغتسال من الجنابة ».
في هذا الحديث الجليل شبه النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام ببناء محكم، وشبه أركانه الخمسة بقواعد ثابتة محكمة حاملة لذلك البنيان، فلا يثبت البنيان بدونها، وبقية خصال الإسلام كتتمة البنيان، وأول هذه الأركان: الشهادتان؛ شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وهما ركن واحد؛ لكونهما متلازمتين لا تنفك إحداهما عن الأخرى. ومعنى الشهادتين: أن ينطق العبد بهما معترفا ومقرا بوحدانية الله واستحقاقه للعبادة وحده دون ما سواه، وبرسالة محمد بن عبد الله، مصدقا بقلبه بهما، معتقدا لمعناهما، عاملا بمقتضاهما؛ هذه هي الشهادة التي تنفع صاحبها في الدار الآخرة، فيفوز بالجنة، وينجو من النار. والركن الثاني: هو إقامة الصلاة، ويعني: المحافظة على أداء الصلوات الخمس المفروضات في اليوم والليلة، وهي: «الفجر، والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء» في أوقاتها، بشروطها وأركانها وواجباتها. والركن الثالث: إخراج الزكاة المفروضة، وهي عبادة مالية واجبة في كل مال بلغ المقدار والحد الشرعي، وحال عليه الحول -وهو العام القمري أو الهجري- فيخرج منه ربع العشر، وأيضا يدخل فيها زكاة الأنعام والماشية، وزكاة الزروع والثمار، وعروض التجارة، وزكاة الركاز، وهو الكنز المدفون الذي يستخرج من الأرض، وقيل: المعادن، بحسب أنصابها، ووقت تزكيتها. وفي إيتاء الزكاة على وجهها لمستحقيها زيادة بركة في المال، وجزيل الثواب في الآخرة. وللبخل بها ومنعها من مستحقيها عواقب وخيمة في الدنيا والآخرة، بينتها نصوص كثيرة في القرآن والسنة، وهي تصرف لمستحقيها المذكورين في قوله تعالى: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم} [التوبة: 60].والركن الرابع: الحج، ويكون بقصد المشاعر المقدسة لإقامة المناسك، تعبدا لله عز وجل، مرة واحدة في العمر، ويلزم لوجوبه: القدرة والاستطاعة المالية والبدنية. والركن الخامس -وهو آخر الأركان-: صوم رمضان، وهو عبادة بدنية، والصيام يعني: الإمساك، بنية التعبد، عن الأكل والشرب وغشيان النساء، وسائر المفطرات، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.وفي الحديث: دلالة على أن أركان الإسلام تنقسم إلى أربعة أقسام، منها: ما هو عمل لساني قلبي، وهو الشهادتان؛ إذ لا بد فيهما من نطق اللسان، وتصديق الجنان، ومنها: ما هو عمل بدني، وهو الصلاة والصوم، ومنها: ما هو مالي محض، وهو الزكاة، ومنها: ما هو عمل بدني مالي، وهو الحج