باب فى المبتوتة تخرج بالنهار
حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج قال أخبرنى أبو الزبير عن جابر قال طلقت خالتى ثلاثا فخرجت تجد نخلا لها فلقيها رجل فنهاها فأتت النبى -صلى الله عليه وسلم- فذكرت ذلك له فقال لها « اخرجى فجدى نخلك لعلك أن تصدقى منه أو تفعلى خيرا ».
جاءت الشريعة الإسلامية باليسر والخير للناس، فراعت أحوالهم عند تنفيذ أحكام الشرع حتى لا يقعوا في الحرج والضيق
وفي هذا الحديث يروي جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن خالته -قيل: اسمها أسماء- طلقت طلاقا بائنا، كما في رواية أبي داود: «طلقت خالتي ثلاثا»، فأرادت أن تخرج في عدتها لتقطع الثمار التي في نخلها، فزجرها رجل ونهاها عن الخروج حتى تقضي العدة، فجاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ وذلك حتى تسأله، وأخبرته بما حدث، وبحالها وضرورتها إلى جذاذ نخلها وجني ثماره، وهل يجوز لها أن تخرج من بيتها في عدتها لهذه الضرورة؟ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «بلى»، وعند أبي داود: «اخرجي»، وقطعي ثمارك، فعسى بعد أن تقطعي ثمر نخلك تتصدقي منه على الفقراء والمساكين، «أو تفعلي معروفا»، والمعروف: اسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله، والإحسان إلى الناس، وهذا تعليل لإباحة الخروج، وإن خرج مخرج التنبيه لها والحض على فعل الخير، كما أنه أباح لها الخروج لحاجتها لمراعاة مصالحها ونخلها ومالها، كما هو ظاهر الحديث في أوله
ولعل وجه الفرق بين الصدقة والمعروف أن يكون المراد بالصدقة الواجبة، وبالمعروف صدقة التطوع، وإنما قال لها النبي صلى الله عليه وسلم ذلك؛ لأنه كان يعلم أنها صاحبة خير، عهد منها المعروف، أو أجابها بما فيه إرشاد لها إلى الصدقة والتطوع، ولا يخفى ما فيه من لطف وحكمة
وفي الحديث: إرشاد السائل إلى ما فيه خير له في دينه ودنياه، والزيادة في الجواب لحاجة السائل
وفيه: مشروعية خروج المطلقة في عدتها للضرورة وقضاء مصالحها التي لا غنى لها عنها
وفيه: مشروعية العناية بحفظ المال، واقتنائه لفعل الخير، والمواساة به
وفيه: الصدقة من التمر عند جنيه، والهدية منه
وفيه: التعريض لصاحب التمر بالصدقة، وتذكيره بالمعروف والبر