باب فى النوح

باب فى النوح

حدثنا هناد بن السرى عن عبدة وأبى معاوية - المعنى - عن هشام بن عروة عن أبيه عن ابن عمر قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه ». فذكر ذلك لعائشة فقالت وهل - تعنى ابن عمر - إنما مر النبى -صلى الله عليه وسلم- على قبر فقال « إن صاحب هذا ليعذب وأهله يبكون عليه ». ثم قرأت (ولا تزر وازرة وزر أخرى) قال عن أبى معاوية على قبر يهودى.

من عدل الله سبحانه وتعالى أنه يحاسب كل شخص بما ارتكبه من عمل؛ {ولا تزر وازرة وزر أخرى} [الأنعام: 164]، بل كل نفس مرهونة بما جنت يداها، ولا يحمل إنسان ذنب غيره، وإن كان أقرب الناس إليه
وفي هذا الحديث يخبر عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه"، أي: يعذب بسبب بكائهم عليه بعد موته، وليس الحكم مختصا بأهله فقط، وإنما خرج الكلام مخرج الغالب؛ إذ من يبكي على الميت عادة هم أهله، "فذكر ذلك لعائشة"، أي: ذكر لها هذا الحديث الذي أخبر به ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: "وهل"، أي: أخطأ ولم يدرك الصواب، "إنما مر النبي صلى الله عليه وسلم على قبر، فقال: إن صاحب هذا القبر ليعذب، وإن أهله يبكون عليه" والمعنى أن هذا الميت يعذب في قبره على عمله، في الوقت نفسه الذي يبكي أهله عليه حزنا على فراقه "ثم قرأت: {ولا تزر وازرة وزر أخرى} [الأنعام: 164]، والوزر: الحمل والإثم، أي: لا تؤاخذ نفس بذنب غيرها، وقد قيل: إنما يعذب الميت ببكاء الحي إذا أوصى الميت بذلك، أو كان من عادته ذلك. وقيل: المقصود بالعذاب هو الألم، وفي رواية مسلم، قالت: "إن الكافر يزيده الله ببكاء أهله عذابا، وإن الله لهو {أضحك وأبكى} [النجم: 43]، أي: أن العذاب يختص بالكافر لا المسلم
وفي الحديث: بيان أن علماء الصحابة رضي الله عنهم نقحوا السنة النبوية، وأظهروا الحقيقة فيما فهم خطأ على غير المقصود، وخاصة إذا تعارض مع القرآن